المعجب في تلخيص أخبار المغرب من لدن فتح الأندلس إلى آخر عصر الموحدين

هذا ما اخترت له منها. ومن نسيبه المليح، الخفيف الروح قوله يتغزل ويمدح مبشرًا هذا: من الكامل هلَّا ثناك علي قلب مُشْفِقٌ ... فترى فراشًا في فراش يُحرقُ قد صرتُ كالرَّمَق الذي لا يُرتجى ... ورجعت كالنفَس الذى لا يلحقُ١ وغرِقتُ في دمعي عليك وغمني ... طرْفي، فهل سبب به أتعلقُ؟ ٢ هل خُدعة بتحية مخفية ... في جنب موعدك الذي لا يصدقُ أنت المنية والمُنى، فيك استوى ... ظل الغمامة والهَجير المحرقُ٣ لك قَدُّ ذابلةِ الوشيج ولونها ... لكن سِنانك أكحل لا أزرقُ٤ ويقال: إنكَ أيكة حتى إذا ... غنيتَ قيل: هو الحمام الأوْرَقُ٥ يا من رشقْتُ إلى السُّلُو فردني ... سبقت جفونك كل سهم يرشقُ٦ لو في يدي سحر وعندي أخْذة ... لجعلت قلبك بعض حينٍ يعشَقُ لتذوقَ ما قد ذقت من ألم الجَوَى ... وترِقَّ لي مما تراه وتُشفِقُ٧ جسدي من الأعداء فيك؛ لأنه ... لا يستبين لطرف طَيْف يَرْمُقُ٨ لم يدر طيفك موضعي من مضجعي ... فعذرتُه في أنه لا يطرُقُ٩ جفت عليك منابتي ومنابعي ... فالدمع يَنْشَغُ والصَّبابة تُورِقُ١٠ وكأن أعلام الأمير مبشرٍ ... نُشرتْ على قلبى فأصبح يخفقُ١١ وفيها يقول، يصف لعب الأسطول في يوم المهرجان: بُشرى بيوم المهرجان فإنه ... يوم عليه من احتفائك رَوْنَقُ١٢

١- الرمق: بقية الروح. ٢- غمني: أحزنني. ٣- الهجير: نصف النهار وقت اشتداد الحر. ٤- الوشيج: ما نبت من القنا والقصب ملتفًّا. سنانك أكحل: يريد سنان عينه. ٥- الأيكة: الشجر الكثيف الملتف. ٦- السلو: النسيان مع طيب نفس. رشق الشيء رشقًا: رماه. ومنه: رشقه ببصره: أحده إليه. ٧- الجوى: حرقة الحب والوجد. ٨- رمقه رَمْقًا: نظر إليه، ورمقه ببصره: أتبعه بصره يتعهده وينظر إليه ويرقبه. ٩- يطرق: يزور ليلًا. ١٠- ينشغ: يسيل. الصبابة: رقة الشوق وحرارته. ١١- يخفق: يتحرك ويضطرب. ١٢- الاحتفاء: الاحتفال. الرونق: الحُسْن والجمال.