============================================================
مكانك، وعالج قلبك، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر: وقال الثوري رحمه الله تعالى : هذا زمان الشكوت، ولزوم البيوت، والرضا بالقوت إلى أن تموت.
وعن داوود الطائي رحمه الله تعالى : (صم عن الدنيا، واجعل فطرك الآخرة، وفر من الناس فرارك من الأسد)(1) .
وعن أبي عبيد أنه قال : ما رأيث حكيما قط إلأ قال لي في عقب كلامه : إن أحببت ألا تعرف. . فأنت من الله تعالى على بال.
والأخبار في هذا الباب أكثر من أن تحصى؛ فلا يحتمله هذا الكتاب ، وقد صنفنا فيه كتابا مفردا، وسميناه : "كتاب أخلاق الأبرار والتجاة من الأشرار"، فقف عليه تر العجب العجاب، والعاقل تكفيه إشارة، والله ولي التوفيق والهداية بفضله.
وأما الخصلة الثانية التي تقتضي التفرد عن الثاس في هلذا الشأن : أن الناس يفسدون عليك ما يحصل لك من العبادة إن لم يعصم اللهآ سبحانه، بسبب ما يعرض من قبلهم من دواعي الرياء والتزئن ، ولقد صدق يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله حيث قال : رؤية الناس بساط الرياء: وهؤلاء الزهاد قد خافوا على أنفسهم من هلذا المعنى حتى تركوا الملاقاة والتزاور.
ولقد ذكر أن هرم بن حيان قال لأويس القرني رحمهما الله : يا أويس؛ صلنا بالزيارة واللقاء، فقال أويس: قد وصلئك بما هو أنفع لك منهما ، وهو الدعاء على ظهر الغيب ؛ لأن الزيارة واللقاء يعرض فيهما التزين والرياء .
وقيل لسليمان الخواص : قدم إبراهيم بن أدهم، أفلا تأتيه ؟ فقال : لأن القى شيطانا ماردا أحث إلي من لقائه، فاستنكروا ذلك من قوله، فقال : إني
صفحة ٧٤