============================================================
قال شيخي الإمام رحمه الله : للكن يجيء من هلذا رائحة الرغبة ؛ لأن من شكا فراق أحد.. أحب وصاله، ومن ترك شيئا لمكان الشركاء فيه.. أخذه لو انفرد به.
فالقول البالغ فيه : ما قاله شيخنا رحمه الله : إن الذنيا عدوة الله عز وجل ، وأنت محثه، ومن أحب أحدا.. أبغض عدوه . قال : ولأنها في أصلها وسخة جيفة ، الا ترى أن آخرها إلى القذر والفساد ، والتلاشي والاضمحلال والنفاد ؟
للكنها جيفة ضمخت بطيب(1)، وطرزت بزينة، فاغتر بظاهرها الغافلون، وزهد فيها العاقلون : فإن قيل : فما حكم الزهد في الذنيا ؛ أهو فرض أم نفل ؟
فاعلم : أن الزهد يقع عندنا في الحلال والحرام ، فهو في الحرام فرض، وفي الحلال نفل.
ثم منزلة هذذا الحرام لمستقيمي الطاعة بمنزلة الميتة المستقذرة ، لا يقدم عليها إلا عند الضرورة بمقدار دفع الضرر: وأما الزهذ في الحلال : فإنما يكون في منزلة الأبدال ، يكون عندهم الحلال بمنزلة الميتة ، لا يتناولون منها إلا قدرا لا بد منه، والحرام عندهم بمنزلة الثار، لا يخطر ببالهم قصد تناولها بحالي، وهلذا معنى البرودة على القلب؛ بأن تنقطع هيئه عنها، ويستقذرها ويستنكرها جدا، فلا يبقى لها في قلبه اختيار ولا إرادة.
فإن قلت : كيف يمكن أن تصير الثنيا في شهواتها ولداتها العجيبة المطلوبة عند الإنسان بمنزلة النار، أو بمنزلة الجيفة المستحيلة ، والبنية بنيثنا، والطبع طبعنا 4(2) فاعلم : أن من وفق التوفيق الخاصر ، وعلم آفاتها وقذرها في أصلها..
صفحة ٦٨