162

منهاج العابدين

تصانيف

============================================================

ذلك لا يبلغ علمنا كيفيته وسره ، وتقول : يا نفس؛ المقدور كائن لا محالة؛ فلا فائدة في الشخط، والخيرة فيما يصنع الله تعالى ؛ فلا وجه للشخط، ألست تقولين : رضيث بالله ربا ، فكيف لا ترضين بقضائه ، والقضاء من شأن الوبوبية وحقها، فعليك بالرضا ؟ا وكذلك إذا أصابتك مصيبة، وحل بك مكروهآ. فتراعي نفسك عند ذلك ، وتضبط قلبك حتى لا تجزع ولا تظهر منك شكاية وقلق ، لا سيما عند الصدمة الأولى؛ فإن الشأن هنالك ، والنفس متسارعة جدا إلى عادة الجزع عند ذلك ، وتقول : يا نفس؛ هذذه قد وقعت فلا حيلة لدفعها، وقد دفع الله تعالى ما هو أكبر منها، فإن أنواع البلاء في خزائنه لكثيرة، وإن هذذه ستنقضي فلا تبقى ، وانها سحابة ستنقشع، فتجلدي يا نفس قليلا تجدي لذلك سرورا طويلا، وثوابا جزيلا ، بعد أن لا دفع للنازل ، ولا فائدة في الجزع ، ولا مصيبة في الحقيقة مع العزاء والصبر، فتشغل لسانك بالاسترجاع ، وقلبك بذكر ما يحصل لك عند الله تعالى من الأجر، وتتذكر صبر أولي العزم على المصائب العظام من الأنبياء والأولياء والأعزة على الله تعالى .

وإذا حبس الله عنك الدنيا في وقت. . فتقول : يا نفس؛ هو أعلم بالحال وأرحم بك وأكرم؛ فإنه الذي يطعم الكلب في خسته، ويطعم الكافر في عداوته، وأنا عبذه العارف الموحذ، أما أساوي عنده رغيفا ؟1 هذا محال أيضا، فاعلمي بالحقيقة أنه لم يحبسن ذلك عنك إلأ لنفع عظيم، وسيجعل الله بعد عسر يسرا، فاصبري قليلأ تري العجب من لطيف صنعه، أما سمعت قول القائل : [من الوافر] توقع صنع ربك سوف يأتي بما تهواه من فرج قريب ولا تيأس إذا ما ناب خطث فكم في الغيب من عجب عجيب وقول الآخر: (من الهزجا الا يا أيها المرء ال ذي الهي به بوح 196

صفحة ١٩٦