151

منهاج العابدين

تصانيف

============================================================

فحسب المؤمن المهتم لأمر دينه هلذه النكتة الواحدة، ولا حول ولا قوة الأ بالله العلي العظيم.

الثانية : أن تعلم أن الرزق مقسوم ، صح ذلك من كتاب الله تعالى وأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعلم أن قسمته لا تتغير ولا تتبدل، فإن أنكرت القسمة أو جوزت نقضها.. فذلك باب الكفر تقرغه، نعوذ بالله، وإن علمت أنه حق لا يتغير.. فأيي فائدة في الاهتمام والطلب إلا الذك والهوان في الدنيا ، والشدة والخسران في الآخرة؟ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : "مكتوت على ظهر الحوت والثور هذا رزق فلان بن فلان ، فلا يزداد الحريص إلا جهدا": وفي مثل ذلك يقول شيخنا رحمه الله : إن ما قدر لماضغيك أن يمضغاه فلا يمضغه غيرك، فكل- ويحك - رزقك بالعز ، ولا تأكله بالذل، فهذه نكتةآ حسنة مقنعة للرجال.

الثالثة : ما سمعث من شيخي الإمام رحمه الله يحكي عن الأستاذ رحمه الله أنه كان يقول : إن مما يقنعني في أمر الرزق أني تذكرت وقلت لنفسي : أليس هذا الرزق للحياة والعيش؟ قالت : نعم ، فقلت لها : فالميت ما يصنع بالرزق إذا مات ؟ قالت : لا شيء ، قلت : فإذا كان حياة العبد في خزائن الله تعالى وحده وبيده.. فكذلك الرزق؛ إن شاء يعطيني، وإن شاء يمنعني، وهو غيث عني، موكول إلى الله سبحانه، يديره كيف يشاء، وأنا ساكن النفس بذلك : وهذه نكتةآ لطيفة مقنعة لأهل التحقيق.

الثكتة الرابعة : مما ذكرنا في هلذا الفصل : أن الله تعالى ضمن رزق العبد ، ل ولم يضمن إلأ الرزق المضمون الذي هو الغذاء والتربية ، وفيه القوام والعدة .

وأما الأسباب من الطعام والشراب : فالعبد إذا تجرد لعبادة الله تعالى وتوكل عليه.. فربما تحبس عنه الأسباب، فلا يعبأن بذلك ولا يضجر؛ لما علم من حقيقة الأمر أن الضمان لقوام البنية، والتوكل على الله تعالى إنما هو في هذذا 185

صفحة ١٨٥