============================================================
فإن قيل : ما هلذا الخطر الذي يوجبون التفويض لأجله في الأمور؟
فاعلم : أن الخطر في الجملة خطران : خطر الشك بأنه يكون أو لا يكون، وأنك تصل إليه أو لا تصل إليه ، وهذذا يحتاج إلى الاستثناء ، ويقع في باب النية والأمل.
والثاني : خطر الفساد بألا تستيقن فيه الصلاح لنفسك أو الفساد ، وهلذا الذي يحتاج فيه إلى التفويض.
ثم أختلفت عبارات الأئمة في الخطر : فعن بعضهم : أن الخطر في الفعل هو أن تكون دونه نجاة، ويمكن أن يجامعه ذنت، فالإيمان والاستقامة والسنة لا خطر فيها؛ إذ لا يمكن دون الإيمان نجاة البئة، والاستقامة لا يجامعها ذنب، فإذن تصخ إرادة الإيمان والاستقامة بالحكم.
وقال الأستاذ رحمه الله : الخطر في الفعل ما يمكن أن يعترض فيه ما يكون الاشتغال بالعارض أولى من الإقدام على ذلك الفعل ، وذلك يقع في المباحات والسنن والفرائض ، الا ترى أن من تضيق عليه وقث الصلاة وقصد أداءها ، فقصده غريق أو حريق يمكنه إنقاذه. . فالاشتغال بإنقاذه أولى من الإقبال على الصلاة ؟ فلا تصح إذن إرادة المباحات والنوافل والكثير من الفرائض بالحكم .
فإن قيل : كيف يصح أن يفترض الله على عبده شيئا ، ويوعده على تركه، ثم لا يكون له صلاح في فعله ؟
فاعلم : أن شيخنا رحمه الله تعالى قال : إن ألله تعالى لا يأمر العبد بشيء إلا وفيه صلاحه إذا تجرد عن العوارض، ولا يضيق عليه فعلا فرضا بحيث لا معدل له عن ذلك إلأوله فيه صلاح، وإنما ربما يسبب الله تعالى له عذرا لأجله ، يكون العدول عن أحد المأمورين أولى من الاشتغال بالآخر كما ذكرنا ، فيكون العبد في ذلك معذورا بل مأجورا، لا بترك هذذا الفرض، بل بفعل الفرض الثاني الذي هو أولى.
11
صفحة ١٧١