83

ميلاد مجتمع

الناشر

دار الفكر-الجزائر / دار الفكر دمشق

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦م

مكان النشر

سورية

تصانيف

ولسوف نبين في الفصل التالي أيضًا كيف يستخدم الاستعمار نوعًا من القوارض المجازة، التي ربيت بعناية في بؤره الثقافية لمهاجمة شبكة العلاقات الثقافية والأخلاقية في بلد معين، وهم أنفسهم الذين يدعون أنهم يمثلون ثقافته. وحسبنا أن ننظر حوالينا لنرى هؤلاء القوارض يعملون في بلادنا، وكيف أنهم مدفوعون دائمًا إلى المسرح بيد خفية، ولقد يكون صرحًا دوليًا، أعني حيثما وجدت قيم صالحة للقرض يمكن أن تتحول إلى لاقيم. ولا جدوى من القول في كيفية توصل الاستعمار إلى هذا الضرب من المخاتلة: فربما احتجنا أن نقول أشياء تبدو لنا غير محتملة، فإننا بعيدون عن الواقع ... عن واقعنا. ولكن لنذكر بعض الأمثلة في تحفظ: لنفترض أن رجلًا مشهورًا- له مواقف واضحة في توجيه الصراع الفكري، في البلاد العربية هذة الأيام- يريد أن يبرهن على عطفه تجاه مثقف يشترك في هذا الصراع، وهذا المثقف يضطر في بعض الظروف الخاصة أن يستريح بعيدًا، في عزلة ضرورية تمليها تلك الظروف. ولنفترض أن هذا الرجل المشهور منحه إقامة شهر في أي مكان على نفقته الخاصة، وأنه أعطاه من أجل ذلك إذنًا مطلقًا فيما يتعلق بالنفقات. هذه حالة تعبر طبعًا عن علاقة اجتماعية معينة من الجانبين الأخلاقي والثقافي معًا. وهي تهم أيضًا من هذين الجانبين مجموعة الفنانين الذين نتحدث عنهم. ولا حاجة بنا إلى القول إنهم سوف يحاولون جهدهم أولًا أن يجعلوا الإقامة كريهة ما أمكنهم، فتفقد جدواها من الناحية النفسية والطبية معًا. فنحن هنا نريد أن نظهر الأشياء من زاوية الفاعلية المتوافرة لحبة الرمل فحسب.

1 / 83