187

المحن

محقق

د عمر سليمان العقيلي

الناشر

دار العلوم-الرياض

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٤هـ - ١٩٨٤م

مكان النشر

السعودية

تصانيف

التاريخ
لَا يَجُورُ قَالَ سَعِيدٌ مَا أَعْذَرَنِي لَكُمْ وَأَرْضَانِي بِمَا سَبَقَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ الْبُكَاءِ وَالْمُحَادَثَةِ وَالْكَلامِ فِيمَا بَيْنَهُمْ قَالُوا بِاللَّهِ يَا سَعِيدُ أَلا زَوَّدْتَنَا مِنْ كَلامِكَ فَإِنَّا لَا نَلْقَى مِثْلَكَ أَبَدًا فَفَعَلَ ذَلِكَ سَعِيدٌ فَخَلَّوْا سَبِيلَهُ فَغَسَلَ رَأْسَهُ وَمِدْرَعَتَهُ وَكِسَاءَهُ وَحَنَّطَ نَفْسَهُ فَلَمَّا اشْتَدَّ عَمُودُ الصُّبْحِ جَاءَهُمْ سَعِيدٌ فَقَرَعَ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَقَالُوا صَاحِبُنَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ فَنَزَلُوا فَبَكَوْا مَعَهُ طَوِيلا ثُمَّ قَامَ الْمُتَلَمِّسُ الثَّقِفِيُّ وَآخَرُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلا على الْحجَّاج فَقَالَ أتيتماني بِسَعِيد ابْن جُبَيْرٍ قَالا نَعَمْ وَعَايَنَّا مِنْهُ الْعَجَبَ فَأَصْرَفَ وَجْهَهُ عَنْهُمَا وَقَالَ أَدْخِلاهُ عَلَيَّ فَخَرَجَ الْمُتَلَمِّسُ فَقَالَ أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ يَا سَعِيدُ وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ قَالَ فَدَخَلُوا بِهِ عَلَى الْحَجَّاجِ فَقَالَ مَا اسْمُكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَير قَالَ بَلْ أَنْتَ شَقِيُّ بْنُ كُسَيْرٍ قَالَ لأُبْدِلَنَّكَ نَارًا تَلَظَّى قَالَ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ إِلَيْكَ لاتَّخَذْتُكَ إِلَهًا قَالَ فَمَا قَوْلُكَ فِي مُحَمَّدٍ قَالَ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ وَإِمَامُ الْهُدَى قَالَ مَا تَقُولُ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَفِي الْجَنَّةِ هُوَ أَمْ فِي النَّارِ قَالَ لَوْ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ أَهْلَهَا عَرَفْتُ مَنْ فِيهَا قَالَ مَا تَقُولُ فِي الْخُلَفَاءِ قَالَ لَسْتُ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ قَالَ فَأَيُّهُمْ أَعْجَبُ إِلَيْكَ قَالَ أَرْضَاهُمْ لِلْخَالِقِ قَالَ فَأَيُّهُمْ أَرْضَى لِلْخَالِقِ قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ الَّذِي يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ قَالَ أَبَيْتُ أَنْ تَصْدُقَنِي قَالَ بَلْ لَمْ أُحِبَّ أَنْ أَكْذِبَ قَالَ هَلْ رَأَيْتَ يَا سَعِيدُ مَا جَمَعْنَا لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ لَا قَالَ فَأَمَرَ بِاللُّؤْلُؤِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالْيَاقُوتِ فَنَثَرَ بَيْنَ يَدَيْ سَعِيدٍ فَقَالَ سَعِيدٌ إِنْ كُنْتَ جَمَعْتَ هَذَا لتفتدي بِهِ من قرع يَوْم الْقِيَامَة فَصَالح وَإِلَّا فقرعة وَاحِدَةٌ تُذْهِلُ كُلَّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَلا خَيْرَ فِي شَيْءٍ مِمَّا جَمَعْتَ لِلدُّنْيَا إِلا مَا زَكَا وَطَابَ ثُمَّ أَمَرَ بِالْعُودِ وَالنَّايِ فَلَمَّا ضرب الْعود وَنُفِخَ فِي النَّايِ بَكَى سَعِيدٌ فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ هُوَ اللَّهْوُ قَالَ بَلْ هُوَ الْحُزْنُ أما النفخة فقد ذَكرتني يَوْم عَظِيم

1 / 241