حيث إحاطة علمه وكونه مصدرا لكل شئ، فيعلم ذاته ولازم ذاته ولازم اللازم جمعا وفرادى، اجمالا وتفصيلا، وهكذا إلى ما لا يتناهى، وما عينه أو علم تعيين مرتبته عند شرط أو عند سبب فإنه يعلمه بشرطه وسببه ولازمه ان سبق علمه بذلك وتعيينه، والا فيعلمه بنفسه سبحانه كيف شاء، غير أنه لا يتجدد له علم ولا يتعين في حقه أمر ينحصر فيه ولا حكم.
كماله بنفسه ووجوده بالفعل لا بالقوة، وبالوجوب لا بالامكان، منزه عن التغير المعلوم والحدثان.
لا تحويه المحدثات - لتبديه أو لتصونه، ولا يكونها الحاجة إلى ما سواه، ولا بكونه ترتبط الأشياء به من حيث ما تعين منه، ولا يرتبط بها من حيث امتيازها بتعددها عنه فيتوقف وجودها لها عليه ولا يتوقف عليها، مستغن بحقيقته عن كل شئ، مفتقر إليه في وجوده كل شئ، ليس بينه وبين الأشياء نسب الا العناية كما قيل، ولا حجاب الا الجهل والتلبيس والتخييل، لغاية قربه ودنوه وفرط عزته وعلوه.
وعنايته في الحقيقة إفاضة نوره الوجودي على من انطبع في في مراة عينه التي هي نسبة معلوميته واستعد لقبول حكم ايجاده ومظهريته - سبحانه - ليس كمثله شئ من الوجه الأول، وهو السميع البصير من الوجه الثاني.
ومتى أدرك أو شوهد أو خاطب أو خوطب، فمن وراء حجاب عزته في مرتبه نفسه المذكور بنسبة ظاهريته وحكم تجليه في منزل تدليه من حيث اقتران وجوده التام بالممكنات وشروق نوره على أعيان الموجودات وليس غير ذلك، وهو سبحانه من هذا الوجه
صفحة ٢٤