الكيفية، متفاوتة الكمية، وأمثلتها تظهر في عالم الخيال المتصل بنشأة الانسان أو المنفصل عنه من وجه على نحو ما في الخارج أو ما مفرداته في الخارج، وكثرة الجميع محسوسة والأحدية فيها معقولة، والا فمحدوسة، وكل ذلك احكام الوجود أو قل: صور نسب علمه أو صفاته اللازمة له من حيث اقترانه بكل عين موجود لسر ظهوره فيها وبها ولها وبحسبها - كيف شئت واطلقت (1) - ليس هو الوجود الحق، فان الوجود واحد ولا يدرك بسواه من حيث ما يغايره على ما مر، ومن أن الواحد من كونه واحدا لا يدرك الكثير من حيث هو كثير وبالعكس.
ولم يصح الادراك للانسان من كونه واحدا وحدة حقيقية كوحدة الوجود، بل انما يصح له ذلك من كونه حقيقة متصفة بالوجود والحيوة وقيام العلم به والإرادة، وثبوت المناسبة بينه وبين ما يروم ادراكه، مع ارتفاع الموانع العائقة عن الادراك، فما أدرك ما أدرك الا من حيث كثرته، لا من حيث أحديته، فتعذر ادراكه من حيث هو ما لا كثرة فيه أصلا، وفيه اسرار نفيسة ذكرتها بتفصيل أكثر في كتابي المسمى ب (كشف سر الغيرة عن سر الحيرة) وسيرد أيضا في داخل الكتاب ما يزيد بيانا لما ذكرناه واصلناه إن شاء الله.
ثم نرجع إلى اتمام ما كنا بسبيله فنقول: الوجود في الحق عين ذاته وفيما عداه أمر زائد على حقيقته، وحقيقة كل موجود عبارة عن نسبة تعينه في علم ربه أزلا وابدا، ويسمى باصطلاح المحققين من أهل الله عينا ثابتة وباصطلاح غيرهم ماهية والمعلوم المعدوم والشئ الثابت ونحو ذلك.
والحق سبحانه من حيث وحدة وجوده لم يصدر عنه الا الواحد - لاستحالة اظهار
صفحة ٢٠