المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب
تصانيف
ومن ارتفع حيضها وتيممت فلا تدخل على نفسها جنابة فتحتاج إلى التيمم لها وهي قادرة على تركه, لاسيما إن قلنا في اجتماع الجنابة والحيض لابد من نية رفع الحدثين عند الغسل لهما, لأن ذلك دليل على تغاير حكميهما ويشهد له غير ما فرع وإنما تدخل على نفسها ما لابد لها منه كالحيضة التي نالتها من غير اختيارها. وكذلك ما ينالها من الحدث الأصغر من غير اختيارها على أن قوله لا يدخلان على نفسهما أكثر من حدث الوضوء إما أن يكون المعنى من حدث الوضوء الذي لابد له منه, فيكون النهي
[58/1] المفهوم من لا يدخلان مجازا لعدم قدرتهما على تركه, وغما أن يكون المعنى من حدث الوضوء بالإخيتار, وذلك في حق المراة مطلقا لأنها بعد ارتفاع حيضها في هذه الصورة لم يحصل لها وضوء تتسبب في نقضه لتصلي بالتيمم, وفي حق الرجل مقيد بما إذا لم يكن متوضأ. ويدل على أن هذا مراده في المدونة خلطه الرجل والمرأة في وقله لا يخلان, ومعلوم أن الرجل لم يكن عليه موجب الطهارة الكبرى ورفعه بالتيمم, وإنما كان ذلك لو كان صحيحا في المرأة بعد ارتفاع حيضها وتيممها. وأيضا لما منع المتوضئين من التقبيل مع أنه من حدث الوضوء علم أن المعنى لا يدخلان على نفسهما ما يقدران على تركه, لأن التيمم إنما شرع للضرورة ويتبين ذلك بجلب نص التهذيب قال: ولا يطأ المسافر امرأته كانا على وضوء أو غير وضوء حتى يكون معهما من الماء ما يكفيهما للوضوء وكذلك إن طهرت امرأته من حيضها في سفر وتيممت فلا يطؤها حتى يكون من الماء معهما ما يكفيهما ولا يدخلان على أنفسهما أكثر من حدث الوضوء إذا لم يكن معهما ماء انتهى. ولا يخفى بعد الاطلاع على نصه أن مقصوده ما ذكرناه. فمنع الرجل من وطء من طهرت من الحيض بين لأنه يدخل على نفسه جنابة كان سالما منها, ومنع المرأة من ذلك أيضا لأنها تدخل على نفسها حدث الجنابة وقد كانت سالمة منها.
صفحة ٧٠