المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب
تصانيف
فأجاب ما شرحتم به كلام ابن الحاجب هو الذي جرت عادتي أن أشرحه به وأختاره. ولعل البحث النحوي الذي أشرتم إليه هو أن حذف بعض مفعولات هذا الفعل هنا من الآقتصار الذي لا يجوز في بابه, أو أن إلحاق أخال بما يتعدى إلى ثلاثة هو مذهب الأخفش, فإن كان مرادكم أحد هذين الأمرين فالأمر قريب, إذ قد يدعى دلالة السياق على ما حذف منها ويلتزم مذهب الأخفش نعم يبقى في هذا الشرح من البحث أن يقال: مقتضاه أن مثل هذا الفعل لا يكون عمده مبطلا إلا إذا حصل الظن للناظر بأن المصلي معرض عن الصلاة, وفيه نظر, إذ قد يكفي في الإبطال مشابهة صورة الفاعل بفعله صورة المعرض, وإن كان الناظر إليه يعلم أنه يصلي يقينا أو اعتقادا او يشك في ذلك او يظنه, وقد لا يكون ناظرا إليه.
فإن قلت: المعنى يخيل الإعراض بتقديران لو كان ناظرا.
قلت: الإشكال إنما نشأ من حيث جعل المناط الظن, فلا فرق بين كونه حاصلا أو مقدرا. ولذا والله أعلم فسر المحقق ابن عبد السلام أخال
[192/1] الإعراض بأشبه المنصرف ولم يفسره بأظن. واما ابن هارون فطالعتنسخة منه فما رأيت له كلاما في اللفظة, فلعله سقط من هذه تانسخة. وأما خليل فذكر لفظ ابن عبد السلام قال يقال أخال يخيل إخالة إذا أشبه غيره ومنه قياس الإخالة أي الشبه, وليس هو من أخال بمعنى أظن انتهى. قوله أي الشبه إن أراد به تفسير قياس الإخالة الاصطلاحي وأراد الشبه الاصطلاحي أيضا حتى يكون معنى كلامه أن قياس الإخالة وقياس الشبه بمعنى واحد فخطأ لا شك فيه. وعدم معرفة بحقيقة القياسين, وإن أراد الإخالة والشبه اللغويين فالأمر أسهل قليلا, ويتأول عليه أنه أراد المادة من حيث اللغة تدل على الشبه. وبالجملة فهو كلام ضعيف, ولأخال معان متعددة يصح كلام ابن الحاجب عليها, ذكر جميعها الجوهري, وتحقيق القول في ذلك ينبني على مطالعة كلام الأقدمين في حكم المسألة ولسنا الآن على ذلك والله تعالى أعلم.
صفحة ٢٤١