المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب

أبو العباس الونشريسي ت. 914 هجري
137

المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب

تصانيف

[ 103/1] قلت: وهل الفضيلة والتفاوت الأعظم بين الفقهاء إلا في تمييز المثل من الخلاف, وفي التفطن لإدراج الجزئية تحت الكلية, وقد نص على هذا ابن عبد السلام في أول كتاب الأقضية من شرحه لابن الحاجب, وأشار إلى مثال هذا بما حكاه ابن سهل في أول كتاب الأحكام وغير واحد أيضا. فإن إلحاق المثل بمثله لا يكون إلا بضرب من القياس لكل من المجتهد والمقلد وإن اختلف مطلبهما به. وعليك بهذا التحقيق في هذا المقام فإنه من مظان مزلة الأقدام, وبه تدرأ شغبا عظيما يشوش به الجهال في هذا المكان ويحقرون به ما عظم الله من نور العلم والفهم, ويقولون ما لا يكون نصا في غير النازلة لا يقبل من المقلد. وما علم المسكين أن كل نازلة تحدث نصا في غير النازلة لا يقبل من المقلد. وما علم المسكين ان كل نازلة تحدث اليوم ليست هي عين النازلة التي أفتى فيها الإمام قطعا, وإنما البحث هل هي مثلها فتلحق بها بمقتضى فتواه أم لا؟ وإلحاق بالمثل لابد فيه من القياس. وتحقيق الحق في هذه المسألة وتبيين ما في أخذها على الإجمال من المفاسد في الدين خارج عن غرضنا ويستدعي تأليفا مستقلا. وما أهم الوضع فيه للحاجة إليه في هذا الزمان. ومن تأمل سير الأشياخ في فتاويهم من متقدمي القرويين والأندلسيين ومتأخريهم بان له صحة ما قلناه والله الموفق للصواب بمنه.

فإن قلت: قد قال ابن شاس في أول كتاب الأقضية: لا تصح تولية المقلد إلا من ضرورة قال القاضي أبو بكر فيقضي حينئذ بفتوى مقلده بنص النازلة. قال فإن قاس على قوله أو قال يجيء من هذا كذا فهو متعد انتهى. وإليه أشار ابن الحاجب بقوله: فإن لم يوجد مجتهد فمقلد فيلزمه المصير إلى قول مقلده انتهى. والمفتي في هذا كالقاضي, فإن الفتوى حكم على ما قال الأيمة. فإذا لا يفتي المقلد إلا بنص النازلة.

صفحة ١٣٧