المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب

أبو العباس الونشريسي ت. 914 هجري
124

المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب

تصانيف

فإن قلت: لا نعلم أن المحو هو الغسل المطهر أو يستلزمه، لأنه إنما أمر بمحوه لإزالة الباطل كما قررنات, وتلك الإزالة أعم من أن تكون بالغسل بالماء المطلق المعتبر في إزالة النجاسات على مشهور مذهب مالك أو بغير المطلق من المياه المضافة الطاهرة أو بغير الماء كالخل وغيره, أو بالبشر أو بما يمكن أن يمحي به. ولو كان ذلك لنجاسته لما أمر بمحوها بل بغسلها للتطهير.

فإن قلت: سلمنا أن المحو لا يستلزم التطهير لما ذكرت، لكن إنما أمر بمحوها قبل المحو لبطل البيع, لأن الصفقة حينئذ تكون قد جمعت حلالا وحراما. أما الحلال فالرق, وأما الحرام فالباطل المكتوب فيه، لن فيه الكفر قطعا أو ظنا غالبا، فتكون كسلعة وخمر بل أشد. ومشهور مذهب مالك فسخ البيع في الحلال والحرام,

[95/1] ولا يمضي الحلال ويرد الحرام. وإذا بطل بيع الأمة بشرط مغينة لكون بعض الصفقة وهو الغنا محرم باطل, فبطلان هذا أظهر, لن من شرط المبيع أن يكون منتفعا به شرعا.

قلت: قد بينا ان الرق جل منفعته أوكلها الكتب فيه, لاسيما الذي فيها كراريس وقد نسخت فيه الكتب فإنها لا تصلح لشيء إلا لذلك, فلو صح ما قاله السائل لكان لا يصح بيعه إلا فستعماله في غير الكتب, واستعماله في غير الكتب لا يتصور, فيكون من بيع ما لا فائدة فيه, ومن شرط المبيع كما ذكر السائل أن يكون منتفعا به, فدليله مقلوب عليه. ولو سلم أن تتصور فيه منفعة أخرى غير الكتب وإن كانت يسيرة جدا قد لا يحتاج إليها, وقد سلمنا أن المحو إنما هو لصحة البيع لتحصيل هذه المنفعة اليسيرة لكان لا يجوز هذا البيع حتى يبين عند البيع أن هذا الرق غير طاهر فلا ينسخ فيه, لأن جل ما يشترى الرق للنسخ, فإن لم يبين هذا كان غشا. وأقل ما فيه أن يدخل في قوله: "ولا إن يكتم من أمر سلعة ما إذا ذكره كرهه المبتاع أو كان ذكره له أبخس في الثمن" وهو حين قال في العتبية أنه يباع, لم يقل بعد أن يبين, والأصل عدم التقييد.

صفحة ١٢٤