المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب
تصانيف
وإن قررتم على نهج قياس الفقهاء قلت مخبرا عن الورق الرومي: شيء تناولته يد الكافر فوجب أن يختلف في تنجيسه, سؤره وما أدخل يده فيه, فالأصل سؤره وما أدخل يده فيه, والفرع الورق, والعلة الجامعة كون كل من الأصل والفرع أصله الطهارة وتناولته يد من غلب على صاحبها استعمال النجاسة, والحكم جريان الخلاف في التنجيس لتعارض الأصل والغالب. وهذا النوع من أقيسة الفقهاء يسمى عندهم قياس العلة.
فإن قلت: لا يصح هذا القياس, فإنه من قياس الفرع على الفرع, ومن شرط حكم الأصل أن يكون غير فرع.
[79/1] قلت: الفرع الذي نفيه في حكم الأصل لا يعنون به ما كان من أحكام الفرع, وإلا لبطل القياس في الأحكام الفرعية جملة, وإنما يعنون به ما كان مقيسا على أصل آخر, وما نحن فيه ليس كذلك سلمناه لكن قياس الفرع على الفرع بهذا الاعتبار ليس متفقا على بطلانه بل مختلف في صحته. ومن تتبع كثيرا من أقاويل أصحاب مالك التي يقيسونها على أصوله وجدها من نوع هذا القياس الذي أوردناه. ولابن القاسم من ذلك في المدونة كثير, كقوله في كتاب التخيير والتمليك لما سئل عمن قال لزوجته أنت علي حرام وقال أردت أحرم أن تمسه(¬1). وقال في البيوع الفاسدة لما سئل عن زبل الدواب: لم أسمع من مالك فيه شيئا, إلا أنه عنده نجس وإنما كره العذرة لأنها نجس, وكذلك الزبل أيضا. ولكثرة هذا المعنى فيها لا يكاد يخلو باب منها منه. وأيضا فقد نص القاضي أبو الفضل عياض رحمه الله في أول المدارك على أن لفظ الامام يتنزل عند مقلد منزلة ألفاظ الشارع باعتبار العمل بمنطوقه ومفهومه وغير ذلك, فعلى هذا قياس المقلد على أصول غمامه كقياس المجتهد على الأصول الشرعية.
صفحة ١٠٠