مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة

ابن تغري بردي،الأتابكي ت. 874 هجري
84

مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة

محقق

نبيل محمد عبد العزيز أحمد

الناشر

دار الكتب المصرية

مكان النشر

القاهرة

وَلما تخلف [سُلَيْمَان] قَالَ لإبن عَمه عمر بن عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان: «يَا أَبَا حَفْص ﴿إِنَّا ولينا مَا قد ترى وَلم يكن لنا بتدبيره علم، فَمَا رَأَيْت فِيهِ مصلحَة الْعَامَّة فَمر بِهِ» . فَكَانَ من ذَلِك عزل عُمَّال الْحجَّاج، وَإِخْرَاج من كَانَ [فِي سجن] الْعرَاق. ثمَّ فعل أمورا كَثِيرَة حَسَنَة كَانَ يسمع من عمر فِيهَا. قيل: إِن سُلَيْمَان حج مرّة؛ فَرَأى النَّاس بِالْمَوْسِمِ؛ فَقَالَ لعمر بن عبد الْعَزِيز: أما ترى هَذَا الْخلق الَّذِي لَا يحصي عَددهمْ إِلَّا الله، وَلَا يسع رزقهم غَيره﴾ قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ﴿هَؤُلَاءِ الْيَوْم رعيتك وهم غَدا أخصامك؛ فَبكى سُلَيْمَان بكاء شَدِيدا، ثمَّ قَالَ: بِاللَّه أستعين. قلت: وَكَانَ سُلَيْمَان شَدِيد الْغيرَة؛ وَهُوَ الَّذِي خصى المخنثين بِالْمَدِينَةِ. وَكَانَ كثير الْأكل؛ حج مرّة فَنزل بِالطَّائِف فَأكل سبعين رمانة، ثمَّ جَاءُوهُ بخروف مشوي وست دجاجات فأكلهم، ثمَّ جَاءُوهُ بزبيب فَأكل مِنْهُ شَيْئا كثيرا، ثمَّ نعس وانتبه فِي الْحَال؛ فَأَتَاهُ الطباخ؛ فَأخْبرهُ بِأَن الطَّعَام قد اسْتَوَى؛ فَقَالَ: أعرضه عَليّ قدرا قدرا، فَصَارَ سُلَيْمَان يَأْكُل من كل قدر اللُّقْمَة واللقمتين واللحمة واللحمتين - وَكَانَت ثَمَانُون قدرا - ثمَّ مد السماط؛ فَأكل [على] عَادَته، كَأَنَّهُ لم يَأْكُل شَيْئا﴾ ﴿﴾ .

1 / 86