مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة

ابن تغري بردي،الأتابكي ت. 874 هجري
151

مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة

محقق

نبيل محمد عبد العزيز أحمد

الناشر

دار الكتب المصرية

مكان النشر

القاهرة

فَلَمَّا مثل بَين [يَدي الواثق] قَالَ: مِمَّن الرجل ﴿؟، قَالَ: من بني مَازِن. قَالَ: أَي الموازن؟ أمازن تَمِيم، أم مَازِن قيس، أم مَازِن ربيعَة؟﴾ قَالَ: مَازِن ربيعَة. قَالَ الْمَازِني: فكلمني حِينَئِذٍ بلغَة قومِي فَقَالَ: بِاسْمِك؟ - لأَنهم يقلبون الْمِيم بَاء وَالْبَاء ميما - فَكرِهت أَن أواجهه بمكر، فَقلت: بكر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؛ فَفطن لَهَا وأعجبته. وَقَالَ: مَا تَقول فِي هَذَا الْبَيْت؟، قلت: الْوَجْه النصب؛ لِأَن مصابكم مصدر بِمَعْنى: إصابتك؛ فَأخذ اليزيدي يعارضني. قلت: هُوَ بِمَنْزِلَة: «إِن ضربك زيدا ظلم»؛ فالرجل مفعول مصابكم. وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن الْكَلَام مُعَلّق إِلَى أَن تَقول: ظلم؛ فَيتم. فأعجب الواثق وَأَعْطَانِي ألف دِينَار. إنتهى. وَحج الواثق مرّة؛ فَفرق بالحرمين أَمْوَالًا عَظِيمَة، حَتَّى لم يبْق بالحرمين فَقير. وَقيل: لما احْتضرَ الواثق جعل يردد هذَيْن الْبَيْتَيْنِ: (الْمَوْت فِيهِ جَمِيع الْخلق مُشْتَرك ... لاسوقة مِنْهُم تبقى وَلَا ملك) (مَا ضرّ أهل قَلِيل فِي تفاقرهم ... وَلَيْسَ يُغني عَن الإملاك مَا ملكوا)

1 / 153