مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة
محقق
نبيل محمد عبد العزيز أحمد
الناشر
دار الكتب المصرية
مكان النشر
القاهرة
فَقَالَ الْهَادِي: وَالله لأحدنك حد الْخمر؛ فَقَالَ: وَلم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ ﴿قَالَ: لِأَنَّك وصفتها وصف عَالم بهَا؛ فَقَالَ: أمني حَتَّى أَلحن بحجتي؛ فَقَالَ: تكلم وَأَنت آمن؛ فَقَالَ: أَجدت وصفهَا أم لم أجد؟﴾ قَالَ: بل أَجدت. قَالَ: وَمَا يدْريك أَنِّي أَجدت؟ ﴿إِن كنت مدحتها بطبعي دون معرفتي فقد شاركتني فِيهَا بطبعك دون معرفتك، وَإِن كنت مدحتها بالمعرفة فقد شاركتني بالمعرفة. فَضَحِك الْهَادِي وَقَالَ: نجوت مني بحيلتك، قَاتلك الله.
قلت: وَلم تطل مدَّته فِي الْخلَافَة، وَمَات بقرحة أَصَابَته فِي جَوْفه.
وَقيل: سمته أمه [الخيزران] لما أجمع [الْهَادِي] على قتل أَخِيه الرشيد.
وَقيل: إِنَّهَا سمته بِسَبَب آخر؛ وَهُوَ أَنَّهَا كَانَت حاكمة مستبدة بالأمور الْكِبَار، وَكَانَت المواكب تَغْدُو إِلَى بَابهَا؛ فزجرهم الْهَادِي عَن ذَلِك، وكلمها بِكَلَام فج وَقَالَ: إِن وقف ببابك أَمِير لَأَضرِبَن عُنُقه، أما لَك مغزل يشغلك أَو مصحف يذكرك أَو سبْحَة؟﴾ فَقَامَتْ من عِنْده وَهِي لَا تعقل من الْغَضَب؛ فَقيل: إِنَّه بعث إِلَيْهَا [بعد ذَلِك] بِطَعَام مَسْمُوم، فأطعمت مِنْهُ كَلْبا فانتثر لَحْمه؛ فَعمِلت على قَتله لما وعك بِأَن غموا وَجهه ببساط جَلَسُوا على جوانبه.
1 / 130