أوقفني في الرحمانية وقال لي هي وصفي وحدي . وقال لي هي ما رفع حكم الذنب والعلم والوجد . وقال لي ما بقي للخلاف أثر فرحمة ، وما لم يبق له أثر فرحمانية . وقال لي قف في خلافية التعرف ، فوقفت فرأيته جهلا ، ثم عرفت فرأيت الجهل في معرفته ولم أر المعرفة في الجهل به . وقال لي من أستخلفه لم أسوه على رؤيتي بشرط يجدني إن وجده ويفقدني إن فقده . وقال لي إن استخلفتك شققت لك شقا من الرحمانية ، فكنت أرحم بالمرء من نفسه ، وأشهدتك مبلغ كل قائل فسبقه إلى غايته ، فرآك كل أحد عنده ولم تر أحدا عندك . وقال لي إن استخلفتك جعلت غضبك من غضبي فم ترأف بذي البشرية ، ولم نتعطف على الجنسية . وقال لي إذا رأيتني فاتبعني ، ولو صرفت وجوه الكل عنك فاني أقبل بهم خاضعين إليك . وقال لي إذا رأيتني فأعرض عمن أعرض عنك وأقبل إليك . وقال لي إن استخلفتك أقمتك بين يدي وجعلت قيوميتي وراء ظهرك وأنا من وراء القيومية ، وسلطاني عن يمينك وأنا من وراء السلطان . واختياري عن شمالك وأنا من وراء الاختيار ، ونوري في عينيك وأنا من وراء النور ، ولساني على لسانك وأنا من وراء اللسان ، وأشهدتك أني نصبت ما نصبت وأني من وراء ما نصبت ، ولم أنصب تجاهك منصبا هو سواي ، فرأيتني بلا غيبة ، وجرت في أحكامي بلا حجبة . وقال لي إذا أشهدتك حجتي على ما أحببت كما أشهدتك حجتي على ما كرهت فقد أذنتك بخلافتي ، واصطفيتك لمقام الأمانة علي . وقال لي إذا رأيتني فانصرني ، فلن يستطيع نصرتي من لم يرني . وقال لي إذا لم تقو على الحجاب عني فقد آذنتك بخلافتي . وقال لي ألبس خاتمي الذي أتيتك تختم به على كل قلب راغب بالرغبة ، وكل راهب بالرهبة ، فتحوز ولا تحاز ، وتحصر ولا تحصر . وقال لي من غاب عني ورأى علمي فقد استخلفه على علمه ، ومن رآني وعاب عن علمي فقد استخلفه على رؤيته . وقال لي من رآني ورأى علمي فهو خليفتي الذي أتيته من كل شيء سببا .
8 - موقف الوقفة
صفحة ٩