أوقفني في التمكين والقوة وقال لي انظر قبل أن تبدو الباديات واستمع لكلمتي قبل أن تحدو الحاديات ، أنا الذي أثبتك فبي ثبت وأنا الذي أسمعتك فبي سمعت وأنا لا سواي فيما لم أبد وأنا لا سواي فيما أبدي إلا بي . وقال لي احفظ مكانك من قبل الباديات فإليه أرجعك من بعد الموت . وقال لي إن صاحبتك الباديات تحولت نارا فأحرقتك وخيرها يتجول حجابا فيحترق بنار الحجاب وشرها يتحول عقابا فيحترق بنار العقاب . وقال لي أريد أن أبدي خلقي وأظهر ما أشاء فيه وأقلب ما أشاء منه ، وقد رأيتني وما أبديته وشهدت وقوفك بي من قبل إبدائي له ، وقد أخذت عليك عهدا بتعرفي إليك أن عن تخرج عن مقامي إذا أبديته ، فإني أظهره يدعو إلى نفسه ويحجب عني ويحضر بمعنويته ويغيب عن موقفي ، فإن دعاك فلا تسمع وإن دعاك إلي بآيتي وإن حضرك فلا تحضره وإن حضرك بآيتي ، وأوقفني وأبدى الباديات وخاطبني على ألسن الباديات وخاطب الباديات لي على لساني فأبدى القلم . وقال لي جاءك القلم ، فقال كتبت العلم وسطرت السطر السر فاسمع فلن تجاوزني وسلم لي فلن تدركني . وقال لي قل للقلم عني يا قلم أبداني من أبداك وأجراني من أجراك وقد أخذ علي العهد للاستماع منه لا منك وميثاق التسليم له لا لك ، فإن سمعت منك ظفرت بالحجاب وإن سلمت لك ظفرت بالعجز ، فأنا منه أسمع كما أشهدني لا منك وله أسلم كماأوقفني لا لك فإن أسمعني من جهتك كنت لي سمعا لا مستمعا . وقال لي جاءك العرش وجاءتك حملته فحملوه بقوتي القائمة فسبحتني ألسنتهم بأذكار قدسي الدائمة وانبسطت ظلاله بجلال رأفتي الراحمة . وقال لي قل للعرش عني يا عرش أظهرك لبهاء ملك الديمومية وجعلك حرما للقرب والعظمة وأحف بك من يشاء من المسبحة ، فقدرته أعظم منك في العظمة وبهاؤه أحسن من بهائك في رتبة الزينة وقربه أقرب إليك من نفسك في موجبات الوحدانية ، فأنت قائم في ظل قيموميته بك وظلك قائم في ظل تخصيصه لك فطاف بك طائفون رأوه قبل رؤيتك فقاموا كما قمت في ظله فسبحوه كما سبحت له ومجدوه بمحامدك التي بها مجدته فأنت لهؤلاء جهة كاشفة ، وطاف بك طائفون علموه وما رأوه وسمعوه وما شهدوه وسبحوه بتسبيحاتك وقدسوه بمحامدك فقاموا له في ظلك القائم في ظل تخصيصه لك فأنت لهؤلاء جهة منجية ، وطاف بك طائفون جبلوا على تسبيح العظمة وخلقوا لتحميد كبرياء العزة فهم قائمون بإدامة إشهاد الجبروت ومسبحون بتسابيح العز والملكوت فأنت لهؤلاء جهة مقربة . وقال لي أنت في علمي وما ترى سواي ، وأنت تحت كنفي وما ترى سواي ، وأنت بمنظري وما ترى سواي . وقال لي أحذر لا أطلع على القلوب فأراك فيها بمعناك ذاك تعرفي ، أو أراك فيها بفعلك ذاك تقلبي .
97 - موقف قلوب العارفين
صفحة ٩٧