أوقفني عنده وقال لي انظر إلى الحرف وما فيه خلفك فإن إلتفت إليه هويت فيه وإن التفت إلى ما فيه هويت إلى ما فيه . وقال لي الحق هو ما لو قلبك عنه أهل السموات والأرض ما انقلبت ، والباطل هو ما لو دعاك إليه السموات والأرض ما أجبت . وقال لي لا تأيسن مني فلو جئت بالحرف كله سيئة كان عفوي أعظم . وقال لي لا تجترئ علي فلو جئت بالحرف كله حسنات كانت حجتي ألزم . وقال لي فضلي أعظم من الحرف الذي وجدت علمه ومن الحرف الذي علمت علمه ومن الحرف الذي لم تجد علمه ومن الحرف الذي لم تعلم علمه . وقال لي إذا وقفت عندي رأيت ما ينزل وما يعرج وجاءك الحرف وما فيه فخاطبك كل شيء بلسانه وترجم لك كل بيان ببيانه ودعاك كل شيء إلى نفسه وطلبك كل جنس إلى جنسه . وقال لي دليله من جنس الحجاب والحجاب من جنس العقاب . وقال لي من كان الدليل من جنس حجابه احتجب عن حقيقة ما دل عليه . وقال لي أنا حجاب عارفي وأنا دليل عارفي تعرفت فعرفني وعرف إني تعرفت واحتجبت فعرفني وعرف أنني احتجبت . وقال لي من لم يكن جاذبه الله لم يصل إلى الله . وقال لي من أنس بالحجاب الداني أماله إلى الحجاب القاصي . وقال لي إذا علمت العلم من لدني أخذتك باتباع العالمين كما أخذتك باتباع الجاهلين . وقال لي إذا رأيت قربي وبعدي أخذتك باتباع القاصدين كما أخذتك باتباع المعرضين . وقال لي كما آليت أن اظهر حكمتي كذا آليت أن لا أنقض حكمتي . وقال لي عفوي لا ينقض حكمتي وحكمتي لا تنقض معرفتي .
صفحة ٨٦