أوقفني بين يديه وقال لي ما رضيتك لشيء ولا رضيت لك شيئا ، سبحانك أنا أسبحك فلا تسبحني وأنا أفعلك وأفعلك فكيف تفعلني . فرأيت الأنوار ظلمة والاستغفار مناوأة والطريق كله لا ينفذ ، فقال لي سبحك وقدسك وعظمك وغطك عني ولا تبرزك فإنك إن برزت لي أحرقتك وتغطيت عنك . وقال لي أكشفك لي ولا تغطك فإنك إن تغطيت هتكتك وإن هتكتك لم أسترك فتغطيت ولم أبرز وتكشفت ولم أتغط ، فرأيته يرضى ما لا يرضى ولا يرضى ما يرضى ، فقال إن أسلمت ألحدت وإن طالبت أسلمت ، فرأيته فعرفته ورأيت نفسي فعرفتها ، فقال لي أفلحت وإذا جئت إلي فلا يكن معك من هذا كله شيء لأنك لا تعرفني ولا تعرفك .
73 - موقف من أنت ومن أنا
أوقفني وقال لي من أنت ومن أنا ، فرأيت الشمس والقمر والنجوم وجميع الأنوار . وقال لي ما بقي نور في مجري بحري إلا وقد رأيته ، وجاءني كل شيء حتى لم يبق شيء فقبل بين عيني وسلم علي ووقف في الظل . وقال لي تعرفني ولا أعرفك ، فرأيته كله يتعلق بثوبي ولا يتعلق بي ، وقال هذه عبادتي ، ومال ثوبي وما ملت فلما مال ثوبي قال لي من أنا ، فكسفت الشمس والقمر وسقطت النجوم وخمدت الأنوار وغشيت الظلمة كل شيء سواه ولم تر عيني ولم تسمع أذني وبطل حسي ، ونطق كل شيء فقال الله أكبر ، وجاءني كل شيء وفي يده حربة ، فقال لي اهرب ، فقلت إلى أين ، فقال قع في الظلمة ، فوقعت في الظلمة فأبصرت نفسي ، فقال لي لا تبصر غيرك أبدا ولا تخرج من الظلمة أبدا فإذا أخرجتك منها أريتك نفسي فرأيتني وإذا رأيتني فأنت أبعد الأبعدين .
صفحة ٧٣