والجواب عن هذا الوجه بعد استيفاء الأقسام الثلاثة أن يقال لا نسلم أن الوجه المجهول مطلقا أي من جميع الوجوه فإن المجهول مطلقا ما لم يتصور ذاته بكنهه ولا شيء مما يصدق عليه من ذاتياته أو عرضياته وهذا الوجه المجهول ليس كذلك بل قد يصور شيء مما يصدق عليه وهو الوجه المعلوم فإن الوجه المجهول فرضا هو الذات والحقيقة التي تطلب تصورها بكنهها والوجه المعلوم بعض الاعتبارات الثابتة له الصادقة عليه سواء كان ذاتيا أو عرضيا له كما يعلم الروح مثلا بأنها شيء به الحياة والحس والحركة وأن لها حقيقة مخصوصة هذه الأمور المذكورة صفاته فتطلب تلك الحقيقة المخصوصة بعينها لنتصور بكنهها أو بوجه أتم مما ذكر وإن لم يبلغ الكنه ومنهم من أثبت في جواب هذه الشبهة وراء الوجهين أي الوجه المعلوم والوجه المجهول أمرا ثالثا هو المطلوب يقومان أي الوجهان به وهذا القيد أعني قيام الوجهين بالأمر الثالث زائد على كلام هذا المثبت وفيه حزازة لجواز أن يكون أحد الوجهين جزءا وإطلاق القيام عليه مستبعد جدا إلا أن يراد به الحمل ولا حاجة في دفع هذه الشبهة إليه أي إلى إثبات الأمر الثالث لأنها قد اندفعت بما حققناه مع أن إثباته مخالف للواقع وذلك لأنا إذا أردنا تعريف مفهوم لنتصوره فلا بد أن تكون ذات ذلك المفهوم أي نفسه وعينه مجهولا وغير حاصل لنا ليمكن تحصيله وهذا معنى قولنا المجهول هو الذات أي ذات المطلوب وعينه ولا بد هناك أيضا من أن يكون أمر ما صدق عليه معلوما لنا ليصح به توجهنا إليه وطلبنا إياه فهذا هو المراد بقولنا المعلوم بعض اعتبارات الذات أي بعض اعتبارات ذات المطلوب الذي هو المجهول ولا خفاء في أنه ليس هناك أمر ثالث يتعلق به غرضنا حتى يتصور أن يكون المطلوب أمرا ثالثا وراء الوجهين
صفحة ٦٨