198

مطمع الأنفس ومسرح التأنس في ملح أهل الأندلس

محقق

محمد علي شوابكة

الناشر

دار عمار

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م

مكان النشر

مؤسسة الرسالة

وكان في زمن عُطلته، ووقت اصفراره وعلّته، ومقاساته من العيش أنكده، من التخوّف أجهده، كثيرًا ما ينشرح بجزيرة شُقْر ويستريح، ويستطيب تلك الرّيح، ويجول في أجَارِع وادِيها وينتقل من نواديها إلى بوادِيها، فإنّها صحيحة الهواء، قليلة الأدواء خضلة العشب والأزاهر، قد أحاط بها نَهرُها كما تحيط بالمعاصم الأساور، والأيك قد نشرت ذوائبها على صفيحه، والروض قد عطّر جوانبه بريحه، وأبو إسحاق بن خفاجة هو كان منزع نفسه، ومصرع أُنسه، به نفح له بالمُنَى عَبق وشذا، ومَسح عن عيون مسرّاته القّذى، وغدا على ما كان وراح، وجرى مُتهافِتًا في ميدان ذلك المِراح، قريب عَهدٍ بالفِطام، ودهره ينقاد في خِطام، فلما اشتعل رأسه شيبًا وزرّت عليه الكهولة جَيبًا، أقصَر عن تلك الهِنات، واستيقظ من تلك

1 / 348