196

مطمع الأنفس ومسرح التأنس في ملح أهل الأندلس

محقق

محمد علي شوابكة

الناشر

دار عمار

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م

مكان النشر

مؤسسة الرسالة

وسكونًا واعتمد إليها رُكُونًا، إلى أن أنهضه أمير المسلمين إلى بساطه، فهبَّ من مرقد خموله، وشبّ لبلُوغ مأموله، فبدا منه في الحال انزواء في تسنّم تلك الرسوم والتواء، وقعود عن مراتب الأعلام، وجمود لا يُحمد فيه ولا يُلام، إلاّ أن أمير المسلمين - أيده الله تعالى - ألقى عليه منه مَحبَّة، جلبت إليه مسرى الظهور ومَهبَّه، وكان له أدب واسع المدى، يانع كالزّهر بلله النَّدى، ونظم مُشرق الصفحة عَبِق النَّفحَة، إلاّ أنه قليلًا ما كان يحلّ رَبعه ويذيل له طبعَه، وقد أثبتّ له منه ما يدع الألباب حائرة والقلوب إليه طائرة، فمن ذلك قوله في ليلة سمحت له بفتى كان يهواه، ونفحت له هبَّةُ وَصلٍ بَرَّدت جَواه:
للهِ لَيْلٌ باتَ عندي بِه ... طَوْعَ يدي من مُهْجَتي في يَدَيْهْ
وبتُّ أسْقيهِ كؤوسَ الطَّلاَ ... ولم أزَلْ أسْهُرُ شَوْقًَا إليهْ
عاطَيْتُه حمراَء مَمْزُوجَةً ... كأنَّها تٌعْصَرُ من وَجْنَتِيْهْ

1 / 346