وعن عائشة: لم يمتلئ جوف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شبعا قط، ولم يبث شكوى إلى أحد، وكانت الفاقة أحب إليه من الغنى، وإن كان ليصلي جائعا يلتوى ليلته من الجوع فلا يمنعه صيام يومه، ولو يشاء سأل ربه جميع كنوز الأرض وثمارها ورغد عيشها، ولقد كنت أبكي له رحمة مما أرى به، وأمسح بيدي على بطنه[3ب] مما به من الجوع وأقول: نفسي لك الفداء، لو تبلغت من الدنيا بما يقوتك فيقول: ((يا عائشة، مالي وللدنيا، إخواني أولوا العزم من الرسل صبروا على ما هو أشد من هذا فمضوا على حالهم فقدموا على ربهم فأكرم مآبهم، وأجزل ثوابهم، وأجدني أستحيي إن ترفهت في معيشتي أن يقصر بي غدا دونهم، وما من شيء هو أحب إلي من اللحوق بإخواني وأخلائي)).
قالت: فما أقام بعد إلا شهرا حتى توفي صلى الله عليه وآله وسلم وكان صلى الله عليه وآله وسلم أخوف الخلق لربه.
أخرج البخاري وغيره من حديث أبي هريرة، وأحمد والشيخان والترمذي والنسائي من حديث أنس: ((لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا)) زاد في رواية لأبي ذر ((إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون، أطت السماء وحق لها أن تئط، والذي نفسي بيده ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله تعالى))، زاد ابن مردويه: ((يسبح الله ويحمده، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى)) زاد الحاكم والبيهقي: ((لا تدرون أتنجون)).
وفي حديث أبي هريرة: ((لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا. يظهر النفاق، وترفع الأمانة، وتقبض الرحمة، ويتهم الأمين، ويؤتمن غير الأمين، أناخ بكم الشر والجور، والفتن كالليل المظلم)).
صفحة ٤٨