المطلب الحميد في بيان مقاصد التوحيد
الناشر
دار الهداية للطباعة والنشر والترجمة
رقم الإصدار
الطبعه الأولى ١٤١١هـ ١٩٩١م
تصانيف
العقائد والملل
وقال ﵀: في الرد على البكري بعد كلام له سبق لكن من هو الذي جعل الاستغاثة بالمخلوق ودعائه سببا في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله ومن الذي قال إنك إذ استغثت بميت أو غائب من البشر نبيا كان أو غير نبي كان ذلك سببا في حصول الرزق والنصر والهدى وغير ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله ومن الذي شرع ذلك وأمر به ومن الذي فعل من الأنبياء والصحابة والتابعين لهم بإحسان فإن هذا المقام يحتاج إلى مقدمتين
إحداهما أن هذه أسباب الحصول المطالب التي لا يقدر عليها إلا الله والثانية أن هذه أسباب مشروعة لا يحرم فعلها فإنه ليس كلما كان سببا كونيا يجوز تعاطيه إلى أن قال وهذا المقام مما يظهر به ضلال هؤلاء المشركين خلقا وأمرا فإنهم مطالبون بالأدلة الشرعية على أن الله شرع لخلقه أن يسألوا ميتا أو غائبا وأن يستغيثوا به سواء كان ذلك عنده قبره أم لم يكن عند قبره بل نقول سؤال الميت والغائب نبيا كان أو غير نبي من المحرمات المنكرة باتفاق أئمة المسلمين لم يأمر الله به ولا رسوله ولا فعله أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان ولا استحبه أحد من أئمة المسلمين وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين المسلمين فان أحدا منهم ما كان يقول اذا نزلت به شدة أو عرضت له حاجة لميت يا سيدي فلان أنا في حبستك أو أقض حاجتي كما يقول بعض هؤلاء المشركين لمن يدعونهم من الموتى والغائبين ولا أحد من الصحابة استغاث بالنبي ﷺ بعد موته ولا بغيره من الأنبياء لا عند قبورهم ولا إذا بعدوا عنها بل ولا أقسم بمخلوق على الله أصلا ولا كانوا يقصدون الدعاء عند قبور الأنبياء ولا قبور غير الأنبياء ولا الصلاة عندها وقد كره العلماء كمالك وغيره أن يقوم الرجل عند قبر النبي ﷺ يدعو لنفسه وذكروا أن هذا من البدع
1 / 89