وأكلت الدهور على محاسنها وشربت، وتركت ساحتها كدار ميّة بالعلياء فالسند، وغادرتها منفضة الفناء منقضة البناء كأن لم يكن بها سيد ولا سند، ولم يغن بها بالأمس أحد، لم يبق منها غير رسومها الواهنة الواهية وأطلالها العالية البالية وأزقّتها الخالية الخاوية:
طلولٌ إذا دمعي شكا البينَ بينها ... شكا غير ذي نُطْقٍ إلى غيرِ ذي فَهْمِ
(وقد تراجعت الآن في العمران والتحقت بصغار البلدان).
وجَيْحَان بجيم بالفتح ثم ياء آخر الحروف بالسكون، ثم حاء مهملة وآخره نون، نهرٌ معروف بالعظم، زاخر الأمواج كالبحر الخضم، يقارب في كبره نهر الفرات، وماؤه لطيف عذب فرات، يلتوي التواء الأرْقَم، وينسحب انسحاب المخرم، وينعطف انعطاف السوار بالمعصم:
فجَدْولهُ في سَرْحَةِ الماء مُنْصلٌ ... ولكنه في الجزع عطْفُ سوارِ
وأمواجهُ أردافُ غيدٍ نواعِمٍ ... تَلَفَّعْنَ بالآصال رَيْطَ نُضَارِ
1 / 88