مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى
الناشر
المكتب الإسلامي
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٥هـ - ١٩٩٤م
تصانيف
الفقه الحنبلي
وَقَدْ يَكُونُ إخْبَارُهُ بِنَجَاسَتِهِ عَلَى وَجْهِ التَّوَهُّمِ كَالْوِسْوَاسِ، فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ التَّعَيُّنُ (وَإِنْ) (أَخْبَرَهُ) الْعَدْلُ الْمُكَلَّفُ - وَلَا يَلْزَمُ السُّؤَالُ عَنْ السَّبَبِ، قَدَّمَهُ فِي " الْفَائِقِ " - (أَنَّ كَلْبًا وَلَغَ) - مِنْ بَابِ: نَفَعَ، أَيْ: شَرِبَ بِأَطْرَافِ لِسَانِهِ - (فِي هَذَا الْإِنَاءِ وَقَالَ) عَدْلٌ (آخَرُ: بَلْ) وَلَغَ (فِي هَذَا): قَبِلَ الْمُخْبَرُ وُجُوبًا قَوْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْإِثْبَاتِ دُونَ النَّفْيِ، وَ(وَجَبَ) عَلَيْهِ (اجْتِنَابُهُمَا) أَيْ: الْإِنَاءَيْنِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ صِدْقُهُمَا بِكَوْنِ الْوُلُوغَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، اطَّلَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَدْلَيْنِ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ. (وَكَذَا لَوْ عَيَّنَا كَلْبَيْنِ) قَالَ أَحَدُهُمَا: وَلَغَ فِيهِ هَذَا الْكَلْبُ دُونَ هَذَا الْكَلْبِ، وَعَاكَسَهُ الْآخَرُ: فَيَقْبَلُ خَبَرَهُمَا، وَيَكُفَّ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُثْبِتٌ لَمَا نَفَاهُ الْآخَرُ، وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ؛ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ (وَ) إنْ عَيَّنَا (كَلْبًا) وَاحِدًا (وَ) عَيَّنَا (وَقْتًا لَا يُمْكِنُ شُرْبُهُ فِيهِ) مِنْهُمَا: (تَعَارَضَا) وَسَقَطَ قَوْلُهُمَا (وَحَلَّ اسْتِعْمَالُهُمَا) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ صِدْقُهُمَا، وَلَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمَا، كَالْبَيِّنَتَيْنِ إذَا تَعَارَضَتَا (وَ) إنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: شَرِبَ مِنْ هَذَا الْإِنَاءِ، وَقَالَ الْآخَرُ: لَمْ يَشْرَبْ مِنْهُ: فَإِنَّهُ (يُقَدَّمُ قَوْلُ مُثْبِتٍ عَلَى) قَوْلِ (نَافٍ)، لِمَا سَبَقَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُثْبِتُ لَمْ يَتَحَقَّقْ شُرْبَهُ، كَالضَّرِيرِ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْ حِسِّهِ فَيُقَدَّمُ قَوْلُ الْبَصِيرِ، لِرُجْحَانِهِ بِالْمُشَاهَدَةِ، وَاسْتِصْحَابًا لِأَصْلِ الطَّهَارَةِ.
[تَتِمَّة عَلِمَ نَجَاسَةَ الْمَاءِ الَّذِي تَوَضَّأَ مِنْهُ وشك فِي وَقْت وُضُوئِهِ]
(تَتِمَّةٌ): وَإِنْ عَلِمَ نَجَاسَةَ الْمَاءِ الَّذِي تَوَضَّأَ مِنْهُ، وَشَكَّ هَلْ كَانَ وُضُوءُهُ قَبْلَ نَجَاسَةٍ أَوْ بَعْدَهَا؟ لَمْ يُعِدْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ، وَكَشَكِّهِ فِي شَرْطِ الْعِبَادَةِ بَعْدَ فَرَاغِهَا، وَإِنْ عَلِمَ أَنْ النَّجَاسَةَ قَبْلَ وُضُوئِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَكَانَ الْمَاءُ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ، أَوْ كَانَ قُلَّتَيْنِ فَنَقَصَ بِالِاسْتِعْمَالِ؟ أَعَادَ لِأَنَّ الْأَصْلَ نَقْصُ الْمَاءِ (وَيَلْزَمُ عَالِمَ نَجَسٍ) مِنْ ثَوْبٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَا يُعْفَى) عَنْهُ (إعْلَامُ مَرِيدِ اسْتِعْمَالِهِ) لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ
1 / 50