( قوله والأمانة) وهي حفظ ظواهرهم وبواطنهم من التلبس بمنهي عنه ولو نهي كراهة أو خلاف الأولى وهم محفوظون ظاهرا من الزنا وشرب الخمر والكذب وغير ذلك من منهيات الظاهر، ومحفوظون باطنا من الحسد والكبر والرياء وغير ذلك من منهيات الباطن، ولا يقع منهم مكروه ولا خلاف الأولى على وجه كونه مكروها أو خلاف الأولى وإذا وقع صورة ذلك فهو للتشريع فيصير واجبا أو مندوبا في حقهم فأفعالهم عليهم الصلاة والسلام دائرة بين الواجب والمندوب، ودليل وجوب الأمانة لهم عليهم الصلاة والسلام أنهم لو خانوا بفعل محرم أو مكروه أو خلاف الأولى لكنا مأمورين به لأن الله تعالى أمرنا بإتباعهم في أقوالهم، وأفعالهم، وأحوالهم من غير تفصيل، وهو تعالى لا يأمر بمحرم ولا مكروه ولا خلاف الأولى، فلا تكون أفعالهم محرمة ولا مكروهة وخلاف الأولى وهذا الدليل وإن كان على صورة الدليل العقلي هو في الحقيقة دليل شرعي، لأن دليل الملازمة شرعي وبطلان التالي بدليل شرعي وهو أن الله لا يأمر بالفحشاء ا. ه باجوري بتصرف.
(قوله والعقل) هو ما يدرك به حقائق الأشياء قيل محله الرأس وقيل محله القلب أي يجب في حقهم أن يكونوا عاقلين للأشياء المعقولة فلا يكون النبي مجنونا ولا معتوها ولا من سائر الحيوانات الغير العاقلة والدليل على أن النبي لا يكون مجنونا إنكاره تعالى على من وصف نبيه بالجنة في قوله تعالى ((أم به جنة))(6) ((قالوا ساحر أو مجنون))(7) فلو جاز وصفهم بالجنة لما أنكر على من وصفهم بها لكنه أنكر على من وصفهم بها فدل على أنه لا يجوز وصفهم بلك، وأما العته فهو من الجنون فدليل استحالته دليل استحالته.
صفحة ١٣