وما يترتب عليه ليس هو هي بل غيرها. فإذن المجعول ليس إلا وجود الشيء جعلا بسيطا دون ماهيته إلا بالعرض.
(91) فإن قلت: فعلى هذا يلزم أن يكون وجود الجاعل مقوما للوجود المجعول غير خارج عنه مثل ما يلزم من جعل الماهية ومجعوليتها قلت: نعم لا محذور فيه. فإن وجود المعلول متقوم بوجود علته تقوم النقص بالتمام والضعف بالقوة والإمكان بالوجوب.
(92) وليس لك أن تقول: نحن نتصور وجود المعلول مع الغفلة عن وجود علته الموجبة له فلا يكون متقوما به لأنا نقول: لا يمكن حصول العلم بخصوصية نحو من الوجود إلا بمشاهدة عينيته وهي لا يتحقق إلا من جهة مشاهدة علته الفياضة. ولهذا قالوا: العلم بذي السبب لا يحصل إلا بالعلم بسببه تأمل فيه.
الشاهد الثاني (93) إن الماهية لو كانت في حد نفسها مجعولة لكان مفهوم المجعول محمولا عليها بالحمل الأولي الذاتي لا بالحمل الشائع الصناعي فقط. فيلزم أن يكون أثر الجاعل مفهوم المجعول دون غيره من المفهومات إذ كل مفهوم مغاير لمفهوم آخر إذ لا اتحاد بين المفهومات من حيث المعنى والماهية ولا يتصور الحمل الذاتي إلا بين مفهوم ونفسه أو بينه وبين حده كقولنا الإنسان إنسان أو حيوان ناطق. وأما قولنا الناطق ضاحك فغير جائز بالحمل الذاتي بل بالحمل الصناعي الذي مناطه الاتحاد في الوجود لا الاتحاد في المفهوم.
الشاهد الثالث (94) إن كل ماهية فهي لا تأبى عن كثرة التشخصات والوجودات والتشخص لما كان عين الوجود كما قرره المحققون أو مساوقا له كما
صفحة ٨٥