نفسه ولا يتأخر ولا يكون أيضا معه.
(55) وعارضية الوجود للماهية أن للعقل أن يلاحظ الماهية من حيث هي هي مجردة عن الوجود: فحينئذ يجد الوجود خارجا عنه. فلو أعيد السؤال في النسبة بينهما عند التجريد بحسب الذهن يقال: هما بحسب التحليل معان في الوجود بمعنى أن الوجود بنفسه أو بجاعله موجود والماهية بحسب نفسها واعتبار تجريد العقل إياها عن كافة الوجودات لها نحو من الثبوت كما سيجيء بيانه. والحاصل أن كونهما معا في الواقع عبارة عن كون الوجود بذاته موجودا والماهية متحدة به وموجودة بنفسه لا بغيره. فالفاعل إذا أفاد الماهية أفاد وجودها وإذا أفاد الوجود أفاد بنفسه. فوجود كل شيء هو في ذاته مصداق لحمل ماهية ذلك الشيء عليه. فلا تقدم ولا تأخر لأحدهما على الآخر. وما قال بعض المحققين من أن الوجود متقدم على الماهية أراد به أن الأصل في الصدور والتحقق هو الوجود وهو بذاته مصداق لصدق بعض المعاني الكلية المسماة بالماهية والذاتيات عليه كما أنه بواسطة وجود آخر عارض عليه مصداق لمعان أخر تسمى بالعرضيات.
وليس تقدم الوجود على الماهية كتقدم العلة على المعلول وتقدم القابل على المقبول بل كتقدم ما بالذات على ما بالعرض وما بالحقيقة على ما بالمجاز.
(56) سؤال: نحن قد نتصور الوجود ونشك في كونه موجودا أم لا فيكون له وجود زائد. وكذا الكلام في وجود الوجود ويتسلسل. فلا محيص إلا بأن يكون الوجود اعتباريا محضا.
(57) جواب: حقيقة الوجود لا تحصل بكنهها في ذهن من الأذهان إذ ليس الوجود أمرا كليا ووجود كل موجود هو عينه الخارجي والخارجي لا يمكن أن يكون ذهنيا. والذي يتصور من الوجود هو مفهوم عام ذهني يقال له الوجود الانتسابي الذي يكون في القضايا. والعلم بحقيقة الوجود لا يكون إلا
صفحة ٧٢