407

مصارع العشاق

الناشر

دار صادر

مكان النشر

بيروت

ماني الموسوس والماجنة
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن الحسن البصري بتنيس، رحمه الله تعالى، حدثنا محمد بن الحسين البغدادي، حدثنا محمد بن الحسن بن الفضل، حدثني ابن الأنباري أبو بكر، حدثني محمد بن المرزبان، حدثني أبو حفص عمر بن علي قال: كنت عند بعض إخواني، فبينا نحن على شرابنا وقينة تغنينا، إذ استأذن ماني الموسوس، فدخل، فأتي بطعام، فأكل، وسقيناه، فشرب، فحانت من بعضنا التفاتةٌ، فبصر به وقد أخرج رقعةً من جيبه، فقرأها، ثم طواها، وقبلها ووضعها على عينه، ثم ردها إلى جيبه، فقلنا: إن لهذه الرقعة لشأنًا، فلاطفناه، فأخذناها، فإذا هي رقعة من ماجنة من مواجن الكرخ، قد كتبت إليه تصف شغفها به، وأنها على حال التلف، وتطالبه بالجواب، فلما طلب الرقعة في جيبه فلم يجدها هاج وقام، وقال: أين رقعتي؟ فلم نزل نسكته، حتى جلس، فأنشأ يقول:
وَعَاشِقٍ جَاءَهُ كِتَابُ، ... فَزَالَ عَنْهُ بهِ العَذابُ
وَقَالَ: قَد خَصَّني حَبيبي ... بِنعمةٍ مَا لَها ثَوَابُ
فَحُقَّ لي أن أتِيهَ تِيهًا، ... يَقصرُ عَن وَصْفِهِ الخِطابُ
حَتى رَمَتهُ بِصَرْفِ دَهرٍ ... عُيُونُ حُسّادِهِ الصِّلابُ
فَاستَلَّ مِنهُ الكِتابَ وَاشٍ ... بِحيلَةٍ شَأنُهَا عِجَابُ
فَليَسَ يَهنيهِ طِيبُ عَيش ... وَلا طَعَامٌ وَلا شَرَابُ
ثم هاج، وقام، وحلف أن لا يجلس.

2 / 95