بلا فصل، أو كان يجوز عدم الحركة، فلو جاز ذلك لم يعدم إلا بوجود السكون منه بدلا منها.
ولو فعل السكون في الثاني من حال إرادته للحركة لم يخل من أن يكون فعله بإرادة له أو سهو عنه، ومحال أن يفعله بإرادة، لأن ذلك موجب لاجتماع إرادتي الحركة والسكون لشئ واحد في حالة واحدة، ومحال وجود السهو عن السكون في حال إرادته للحركة، فبطل جواز امتناع الإنسان مما قد فعل الإرادة له على ما شرحناه.
مسألة: إن قال قائل: إذا كنتم تقولون أن إرادة الله تعالى لفعله هي نفس ذلك الفعل، ولا تثبتون له إرادة غير المراد، فما معنى قولكم أراد الله بهذا الخبر كذا، ولم يرد كذا، وأراد العموم ولم يرد الخصوص، وأراد الخصوص ولم يرد العموم؟.
جواب: قيل له معنى ذلك أن المقدور أخبارا كثيرة عن أشياء مختلفة، فقولنا أراد كذا ولم يرد كذا، فهو أنه فعل الخبر الذي هو عن كذا، ولم يفعل الخبر الذي هو عن كذا، وفعل القول الذي يفهم منه كذا، ولم يفعل القول الذي يفهم منه كذا.
وهذا كقولنا: إنا إذا قلنا: الحمد لله رب العالمين وأردنا القرآن كان ذلك قرآنا، وإذا أردنا أن يكون منا شكرا لله تعالى كان كذلك.
فإنا لسنا نريد أن قولا واحدا ينقلب بإرادتنا قرآنا إن جعلناه قرآنا، ويكون كلاما لنا إن جعلناه لنا كلاما، وإنما معناه أن في مقدورنا كلامين نفعل هذا مرة وهذا مرة.
فإن قال: فكان من قولكم أن (الحمد لله رب العالمين) إذا أردتم به القرآن يكون مقدورا لكم.
قلنا: هذا كلام في الحكاية والمحكي، وله باب يختص به، وسنورد إن
صفحة ١٣