الكلام، وأساليب النظام، فأثنى عليه المصنفون، منهم العالمون أولو السجايا
الطاهرة، والمزايا الباهرة الزاهرة المتقون، وصوب إليه بالطعن الحاسدون
وبالازدراء والثلب الناقصون.
نعم. ولقد انتدب لهذا الكتاب البديع، والديوان العلي الرفيع أقوام
من الأغبياء، والأساة القساة الأعتياء، لا يفهمون معانيه ولا يدركون قواعده ومبانيه، ذكروا أنهم ظفروا فيه بما لا يليق فأخذوا يشنعون عليه، ويصوبون بالطعن إليه، وقسموا فيه الأقوال، وفرقوا وجوه الانتحال، ولم يذكروا شيئًا من محاسنه المحققة، ومعاليه العجبة المونقة، التي هي بالنسبة إلى ما رأوا وأثبتوا له النقص على ما ادعوا، كالبحر بالنسبة إلى صغير القطر.
فكانوا كما قال النبي ﷺ فيما أخرجه أبو داود الطيالسي وابن ماجة في الزهد من سننه، وأحمد بن منيع وأبو الشيخ ابن حبان في كتاب الأمثال عن أبي هريرة ﵁: مثل الذي يجلس فيسمع الحكمة ثم لا يحدث إلا بشر ما يسمع، كمثل رجل أتى راعيًا، فقال: يا راعي أجزرني شاة من غنمك، فقال له: اذهب فخذ بأذني خير شاة فذهب فأخذ كلب المغنم.
وكالذين يتبعون المتشابه، ابتغاء الفتنة، وابتغاء تأويله.
على أن من الأمر المشهور الذي لم يخف على أحد أن الإِمام مالكًا
1 / 103