وتأويل ((الوسواس الخناس)) فهو الشيطان الخانس فهو يخنس عن أعين الناس فلا يرونه، ومعنى يخنس: فهو يعني فلا يرى، فهو الشيطان عليه لعنة الله يوسوس بحضوره في الصدور من الذكر والخطرة بالوسوسة والإغواء والفسق والردى حتى يدخل بحب المعاصي في الصدور، وقد تكون الوسوسة من الفريقين بالمشاهدة والمحاضرة، وقد تكون منهما الوسوسة بالذكر والخطرات الخاطرة، وأي ذلك كان في الصدور بخاطرة تخطر، أو حضور فهي وسوسة كما قال سبحانه من شيطان أو إنسان بما يجول منهما في الصدور والجنان قال الشاعر:
وكم أخطر في بال ولاأخطر في بالي
تفسير ((قل أعوذ برب الفلق))
بسم الله الرحمن الرحيم
تأويل ((قل أعوذ برب الفلق)) [الفلق:1] أعوذ: هو أستجير، وتأويل الرب: فهو السيد المليك الكبير، وتأويل الفلق: فهو الفجر إذا انفلق، كذلك يقول الناس: انفلق الفجر وبدا إذا تبين وظهر وأضاء، وفي ذلك وبيانه أشعار كثيرة لا تحصى لشعراء الجاهلية الأولى، ((من شر ما خلق (2) ومن شر غاسق إذا وقب (3) ومن شر النفاثات في العقد (4) ومن شر حاسد إذا حسد)) فأمر الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن يستعيذ به من شر خلقه في النهار كله، وأن يستعيذ به من شر جميع خلقه في ليله، ولا يكون شرا إلا في ليل أو نهار وإلا بعد غسق أو انفجار، والفلق: فأول الفجر وفلوقه قال لبيد:
صفحة ١٧٥