وقد ذكر في الفصول ما يقرب من هذا المعنى، ثم بين عليه السلام الوجه أن لفظ كل كذلك في كلام طويل إلى قوله: وإذا كان الأمر كذلك وقلنا بثبوت ذلك الإجماع أدى إلى أحد ثلاثة أمور كلها باطلة لا محالة، وذلك لم يخل إما أن يكون هذا الإجماع ناسخا لبعض ما تناوله ذلك العام، أو أن العام لم ينسخ شئ من معناه، وإنما هذا الإجماع باطل، لأنه وقع على خلاف حق ثابت لم ينسخ، أو أن الإجماع حق، وأن لفظة (كل صلاة) لم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الأول باطل، إن النسخ لا يقع إلا بالوحي، وقد ارتفع الوحي، والثاني باطل أيضا لعصمتهم من الإجتماع على الباطل بالأدلة القطعية، والثالث باطل أيضا، لأن قوله صلى الله عليه وآله وسلم :(كل صلاة لم يجهر فيها ب بسم الله الرحمن الرحيم فهي آية اختلسها الشيطان) قد صح لنا عن آبائنا من شيوخ العترة وأئمتهم عليهم السلام جميعا، وما أدى إلى الباطل كان باطلا وشاهدا لضده بالصحة، وأنه حق بلا مرية والله أعلم وأحكم.أه.
ففي هذا بحمد الله لمن تأمله بعين الإنصاف مايشفي غليل الصدور، ويوضح ملتبسات الأمور، ولكن لمن لم يعمه إلف ما قد ألفه من العادة التي لها سلطان قوي، فإنا قد رأينا كثيرا ممن قد ألف شيئا ووافقه لم يكد أبدا أن يفارقه، فالإشتغال بإيراد واضح الأدلة عليه عناء، والرجاء لاستضائه بنوره منى، ونحن إنما وضعنا ما وضعنا منها إثباتا لحجة وإزالة للمعذرة ((ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم)) [الأنفال:42].
صفحة ١٧٠