مصابيح الجامع
وهو شرح الجامع الصحيح للإمام البخاري المشتمل على بيان تراجمه وأبوابه وغريبه وإعرابه
تأليف
الإمام القاضي بدر الدين الدماميني أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن عمر القرشي المخزومي الإسكندراني المالكي
المولود في الإسكندرية سنة ٧٦٣ هـ والمتوفى في الهند سنة ٨٢٧ هـ - رحمه الله تعالى -
اعتنى به تحقيقا وضبطا وتخريجا
نور الدين طالب
بالتعاون مع لجنة مختصة من المحققين
إصدارات
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
إدارة الشؤون الإسلامية - دولة قطر
صفحة غير معروفة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة / 2
مَصَابِيحُ الجَامِعِ
مقدمة / 3
جَمِيعُ الحُقُوقِ مَحْفُوظَة
الطَّبْعَةُ الأُولَى
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
ردمك: ٠ - ١٢ - ٤١٨ - ٩٩٣٣ - ٩٧٨ ISBN
قَامَت بعمليات التنضيد الضوئي والإخراج الفني والطباعة
دَار النَّوَادِر لصَاحِبهَا ومديرها نور الدّين طَالب
سوريا - دمشق - ص. ب: ٣٤٣٠٦
لبنان - بيروت - ص. ب: ٥١٨٠/ ١٤
هَاتِف: ٠٠٩٦٣١١٢٢٢٧٠٠١ - فاكس: ٠٠٩٦٣١١٢٢٢٧٠١١
www.daralnawader.com
مقدمة / 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة التحقيق
إنَّ الحمد لله نحمدُه ونستعينُه، ونستهديه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدِهِ اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يُضْلِل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه، وصلَّى الله على نبيّنا محمَّدٍ، وعلى آله وصحبِه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعد
فإنَّ الله تعالى -بمنِّه وكرمه- قد خصَّ هذه الأمةَ بخصائصَ مهمَّة، وشرَّفها بمناقبَ جمَّة، فأكرمها بالقرآن، وتفضَّل عليها بالنَّبيِّ ﷺ المبيِّن له، وجعل سنَّته هي البيان، وهيَّأ لهما علماءَ راسخين، وجهابذة ناقدين، ذبُّوا عنهما تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
وكان من هؤلاء الجلَّة إمام الدنيا في الحديث، وحافظ الإسلام في القديم والحديث، الإمام أبو عبد الله محمّد بن إسماعيل البخاري ﵀، الّذي اجتمع الأئمة على تقديمه، واتفقوا على إمامته؛ لِمَا علموا من فضله ودينه،
مقدمة / 5
حتّى قال فيه الإمام ابنُ خزيمة: ما تحتَ أديم السَّماء أعلمُ بالحديث من محمّد ابن إسماعيل البخاريّ (١).
وقال موسى بن هارون الحافظ: لو أن أهل الإسلام اجتمعوا على أن يصيبوا آخر مثل محمّد بن إسماعيل، لَمَا قدروا عليه (٢).
كيف وقد صنَّف كتابًا هو أصح كتاب بعد كتاب الله ﷿، جمع فيه حديث النّبيّ ﷺ، وأنتخبه من مئات الألوف من المرويات، بل من أصح الصّحيح، حتّى قال النَّسائيُّ: ما في هذه الكتب أجودُ من كتاب البخاريّ.
وصَدَق فيه قولُ أبي عامر الجرجانيِّ الأديب:
صحيحُ البخاريِّ لو أنصفوهُ ... لما خُطَّ إلًّا بماءِ الذهَبْ
هو الفرقُ بين الهُدى والعَمى ... هو السدُّ بين الفتى والعطَبْ
أسانيدُ مثلُ نجومِ السماءِ ... أمامَ متونٍ كمثل الشُّهُبْ
به قام ميزانُ دينِ الرسولِ ... ودانَ به العجمُ بعد العربْ (٣)
ولمَّا كان "صحيح البخاري" قد حاز هذه الجلالة، قال فيه ابن خلدون في مقدمة "تاريخه": شرحه دَيْن على هذه الأمة.
وقد وفى الأئمة شرح هذا الكتاب، وسقط الدين عن الأمة، حتّى بلغت شروحه المئات، برز خلالها: شرح ابن الملقن، والحافظ ابن حجر، والعيني، والقسطلاني، وغيرهم.
_________
(١) رواه الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص: ٧٤).
(٢) انظر: "هدي الساري" للحافظ ابن حجر (ص: ٤٨٥).
(٣) رواها بإسناده عنه: الحافظ ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥٢/ ٧٤).
مقدمة / 6
وقد تباينت مناهج الشراح في تصانيفهم تلك؛ فمنهم من نحا إلى التطويل، وأودعَ فيه الكثيرَ من التحقيقات والأبحاث.
ومنهم من آثر الاختصار في كلامه على الحديث، ورَشَحه بالفوائد والنكات، وما أشكل من مفردات الألفاظ.
ومنهم من قصد التوسط، ورصّعه بالاستنباطات وفوائد الفوائد الماتعة.
وكان الإمام المحقق، والنحوي المدقق، القاضي بدر الدين الدماميني، المتوفى سنة (٨٢٧ هـ) من أولئك الأئمة الذين خاضوا غِمار هذا الصّحيح، وولجوا أغواره، مُبرزين درره وثماره، سالكًا فيه مسلك الاختصار، مؤثرًا التعليق والإيجاز في الحديث، على البسط والإكثار، علَّق فيه على أكثر من ثلاثة آلاف حديث من "الصّحيح"، بعبارة حسنة وقول فصيح، اشتملت على بيانِ لفظٍ غريب، وإعراب مشكل، وضبط راوٍ يُخشى في لفظِ ورَسْمِ اسمه التحريف، وفي ضبطه التصحيف، وبيان الأعلام المبهمة، إلى غير ذلك من المباحث اللغوية والنحوية الأنيقة، والتحقيقات الفقهية والأصولية الدقيقة.
فدونك -أيها القارئ- نكتًا ساطعة الأنوار، عالية المقدار، ماحية ظلم المشكلات البهيمة، هادية إلى أوضح الطرق المستقيمة، يعرف قدرها من تصفح الكتاب، وينظر المنصف بعين الاستحسان إذا لمح بعضًا من فوائده المنثورة في الكتب والأبواب (١).
وقد تمَّ -بحمد الله- التقديم لهذا السِّفر النَّفْيس بفصول ثلاثة:
أولها: في ترجمة الإمام الدماميني.
وثانيها: في دراسة الكتاب.
_________
(١) انظر: (١/ ٧) من هذا الكتاب.
مقدمة / 7
وثالثها: بسرد رسالة الإمام الدماميني في رده على التبياني فيما يتصل بتعقبات الأخير على هذا المُصَنَّف، واللهَ وحده نسأل أن يوفقنا لما يحب ويرضى، ويرزقنا نيّة صالحة في نشر هذا العلم، نبلغ بها منزلة مرضية عنده، إنّه سبحانه ولي ذلك، والقادر عليه، ولا حول ولا قوة إلا به.
* هذا ولا بدَّ في الخاتمة من تقديم الشكر والثناء للجنة العلمية الّتي ساهمت في إخراج هذا العمل، وأخص بالذكر منهم: عبد الرّحمن بن محمّد كشك (في التدقيق اللغوي)، ومحمد خلوف العبد الله (في التحقيق والدراسات)، وتوفيق تكلة (في النسخ والمقابلة)، وعدنان دنُّون، وجمعة الرُّحيِّم (في الفهرسة والمراقبة).
* وأخيرًا: لا بد من التنويه بجهد وحدة التدقيق والمراجعة التابعة للجنة إحياء التراث الإسلامي والنشر العلمي، بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر، في مراجعة الكتاب كلِّه، والاستدراك بتصحيح ما ندَّ من أخطاء وهنات لا يسلم منها كتاب، على أمل أن يكون الكتاب على وجه يرضي أهل العلم وطلبته.
وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله الّذي بنعمته تتم الصالحات.
نور الدين طالب
دمشق - دومة
٢٦ شوال ١٤٣٠ هـ
* * *
مقدمة / 8
الفَصْلُ الأوَّل تَرْجَمَةُ الإِمَامِ الدَّمَامِيني
مقدمة / 9
المبحث الأوَّل اسمهُ وَنَسبهُ وَوِلَادتهُ، وَنَشأته وَطَلبهُ لِلعِلْمِ
* اسمه ونسبه:
هو الإمام، العلّامة، المتفنن، الفقيه، الأديب، الشاعر، النحْوي، اللغوي، القاضي محمّد بن أبي بكر بن عمر بن أبي بكر محمّد بن سليمان ابن جعفر بن يحيى بن حسين بن محمّد بن أحمد بن أبي بكر بن يوسف بن علي بن صالح بن إبراهيم (١)، بدر الدين المخزومي، السَّكندري، المالكي، المعروف بالدماميني، وبابن الدماميني، سبط الإمام ناصر الدين بن المنيِّر (٢).
* ولادته:
ولد الإمام الدماميني سنة ثلاث وستين وسبع مئة بالإسكندرية، كما اتفق عليه جميع المترجمين له (٣).
_________
(١) هكذا ساق نسبه السخاوي في "الضوء اللامع" (٧/ ١٨٤).
(٢) قاله الدماميني في رسالته "الفتح الرباني في الرَّدِّ على التبياني"، وانظر: "الضوء اللامع" للسخاوي (٧/ ١٨٤)، قال السخاوي: وهو حفيد أخي البهاء عبد الله بن أبي بكر، وأخيه شيخ الزين العراقي. انظر: "الضوء اللامع" (٧/ ١٨٤).
(٣) إلا أن ابن العماد نقل في "شذرات الذهب" (٧/ ١٨١) عن السيوطيّ في "طبقات النحاة": أنه ولد سنة أربع وستين وسبع مئة، والذي في "بغية الوعاة" (١/ ٦٦)، =
مقدمة / 11
* نشأته وطلبه للعلم:
نشأ الإمام الدماميني في مدينة الإسكندرية، وسمع بها من عم أبيه الشّيخ عبد الله بن أبي بكر المعروف بالبهاء بن الدماميني، وعبد الوهّاب القروي، وغيرهما، فمهر في العربيّة والأدب، وشارك في الفقه وغيره؛ لسرعة إدراكه، وقوة حافظته، ودرس بالإسكندرية في عدة مدارس، واستنابه صهره القاضي ناصر الدين بن التنسي في الحكم بها (١)، فكتب إليه الحافظ ابن حجر يهنئه [الطَّويل]:
تهنَّ ببدر الدين يا منصبَ القضا ... وسَلْ في بقاه أن يدوم إلهَهُ
فقد حزتَ منه أيد اللهُ حكمَه ... وخلَّدَ في الدنيا علاهُ وجاهَهُ (٢)
ثمّ قدم مع ابن التنسي القاهرة، وناب في الحكم أيضًا، وأخذ عن أكابر علمائها، فأخذ من السراج بن الملقن، والمجد إسماعيل الحنفي، ولازم ابن خلدون (٣)، وغيرهم، وتصدَّر بالأزهر لإقراء النحو.
_________
= و"حسن المحاضرة" (١/ ٥٣٨): أنه ولد سنة ثلاث وستين وسبع مئة.
(١) وقال فيه الدماميني لما ولَّاه ذلك: [من المجتث]
يا حاكمًا ليس يُلْفَى ... نظيرُه في الوجودْ
قد زدتَ في الفضل حتّى ... قلَّدتني العقودْ
انظر: "الضوء اللامع" للسخاوي (٧/ ١٨٦).
(٢) انظر: "الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر" للسخاوي (ص: ٧٩٦).
(٣) وذكر المقريزي في "عقوده: أنّ الدماميني كان يقول له: إنّه ابن خالته. ذكره السخاوي في "الضوء اللامع" (٧/ ١٨٤).
مقدمة / 12
وفي رمضان من سنة (٨٠٠ هـ) دخل دمشق برفقة ابن عمه (١)، ثمّ حج منها، وأخذ بمكة من القاضي أبي الفضل النويري (٢)، واجتمع بالحافظ ابن حجر هناك سنة (٨٠١ هـ) (٣).
وبعد موت ابن التنسي رجع إلى بلده، فناب في الحكم والخطابة، وأقبل على الاشتغال بالتجارة، فوقف عليه منها مال كثير، ثمّ احترقت داره، ففر من غرمائه إلى جهة الصّعيد، فتبعوه، وأحضروه إلى القاهرة، فقام معه تقي الدين بن حجة، وأعانه كاتب السر ناصر الدين بن البارزي حتّى صلح حاله، وحضر مجلس المؤيد، وعين لقضاء المالكية بمصر.
واستمر مقيمًا إلى شوال من سنة (٨١٩ هـ) حيث سافر إلى الحجِّ، ودخل اليمن سنة (٨٢٠ هـ)، فكرمه السلطان الناصر، وقابله بما يقابل به مثله، واجتمع بالأئمة من فقهاء "زَبيد"، وقد درَّس بجامعها نحوَ سنة (٤)، ثمّ لم يرجع له بها أمر، فارتحل منها إلى الهند، ودخل "كجرات" في أيّام السلطان أحمد بن محمّد المظفر الكجراتي، فحصل له إقبال كبير، وأخذ
_________
(١) وكان قد دخل غوطة دمشق، ووصفها وصفًا بديعًا، نقله الغزولي في "مطالع البدور" (١/ ١١٠).
(٢) انظر: "الضوء اللامع" للسخاوي (٧/ ١٨٥).
(٣) انظر: "مطالع البدور" للغزولي (٢/ ١٤).
(٤) وللإمام الدماميني شعر في زبيد، منه: ما أورده البريهي في "تاريخه" المسمى: "طبقات صلحاء اليمن" (ص: ٣٤٣): [من الكامل]
قالت وقد فتحت جُفُونا نعسا ... ترمي الورى في الجَور بالأحكامِ
احذرْ هلاكَكَ في زبيدَ فإنَّني ... لذوي الغَرامِ فتحتُ بابَ سهامِ
مقدمة / 13
النَّاس عنه، وعظموه، وحصل له دنيا عريضة، وبقي فيها هناك حتّى وفاته -رحمه الله تعالى (١) -.
* * *
_________
(١) انظر: "الضوء اللامع" للسخاوي (٧/ ١٨٥)، و"نيل الابتهاج" للتنبكتي (ص: ٤٨٨)، و"نزهة الخواطر" للحسيني (٣/ ٢٦٨)، ومصادر التّرجمة الأخرى.
مقدمة / 14
المبحث الثَّاني شُيُوخهُ
١ - مسند الإسكندرية، الشيخ بهاء الدين الدماميني: عبد الله بن أبي بكر بن محمّد بن سليمان بن جعفر الإسكندراني، وهو عم والد الإمام الدماميني، سمع من الجلال بن عبد السّلام، ومحمد بن سليمان المراكشي، وتفرد بالرواية عنهما، وحدث بـ "الموطَّأ" عن أبي الحسين بن عتيق، وكان فاضلًا دينًا أديبًا، له نظم، توفي سنة (٧٩٤ هـ) (١).
٢ - شيخ الإقراء، ومسند القاهرة، البرهان الشامي: إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد المؤمن بن سعيد التَّنُوخيُّ البعلي، ثمّ الشامي الشّافعيّ، كان فاضلًا، أديبًا، فقيهًا، مهر في القراءات، وكتب مشايخه له خطوطهم بها. قال ابن حجر: قرأت عليه الكثير، ولازمته طويلًا، وخرجت له المئة العشارية، ثمّ الأربعين التابعة لها، وخرجت له "المعجم الكبير"، فصار يتذكر به مشايخه، وعهده القديم، فانبسط للسماع، وقد أخذ عنه أهل البلد والرحالة، فأكثروا عنه، وكان قد أضر
_________
(١) انظر: "إنباء الغمر" (٣/ ١٢٩)، و"الدرر الكامنة"، كلاهما للحافظ ابن حجر (٣/ ٢٣).
مقدمة / 15
بأخرة، توفي سنة (٨٠٠ هـ) (١).
٣ - الشّيخ القاضي، ناصر الدين بن التِّنِّسي: أحمد بن محمّد بن عطاء الله بن عوض الإسكندراني الزُّبيري -نسبة إلى الزُّبير بن العوام- المالكي، بهر وفاق الأقران في العربيّة، وولي قضاء بلده، ثمّ قدم القاهرة، وظهرت فضائله، وولي قضاء المالكية بها، فباشره بعفة ونزاهة، وناب عنه صهرهم بدر الدين الدماميني، وقال فيه أبيات [من الكامل]:
وأجادَ فكرُك في بحار علومه ... سَبحًا لأنك من بني العوَّامِ
له مؤلفات عدة، منها: "شرح التسهيل"، و"مختصر ابن الحاجب"، توفي سنة (٨٠١ هـ) (٢).
٤ - شيخ الإسلام بالمغرب، ابن عرفة: محمّد بن محمّد بن عرفة، أبو عبد الله الوَرْغَمِّي التونسي المالكي، عالم المغرب، مهر في العلوم، وأتقن المعقول والمنقول، إلى أن صار المرجوع إليه في الفتوى ببلاد المغرب، وتصدى لنشر العلوم، وكان لا يمل من التدريس، وإسماع الحديث والفتوى، وله مؤلفات مفيدة، منها: كتابه في الفقه المسمى بـ: "المختصر" يبلغ عشرة أسفار، جامع لغالب أمهات المذهب، والنوازل، والفروع الغريبة، وقد أجاز الإمام ابن عرفة الإمام الدماميني برواية جميع الكتاب عنه كما ذكر
_________
(١) انظر: "الدرر الكامنة" لابن حجر (١/ ١٠)، و"تعليق الفرائد" للمؤلف (١/ ٣٥)، و"النجوم الزاهرة" لابن تغري بردي (١٢/ ١٦٦)، و"شذرات الذهب" لابن العماد (٦/ ٣٦٤).
(٢) انظر: "إنباء الغمر" لابن حجر (٤/ ٤٦)، و"الضوء اللامع" للسخاوي (٢/ ١٩٢)، و"بغية الوعاة" للسيوطي (١/ ٣٨٢)، و"شذرات الذهب" لابن العماد (٧/ ٥).
مقدمة / 16
في كتابه هذا (٤/ ٤٢٩)، ونقل عنه في مواضع عدة في كتابه، خصوصًا ما يتعلّق بالتعريفات. توفي سنة (٨٥٣ هـ) (١).
٥ - شيخ الإسلام، سراج الدين بن الملقِّن: عمر بن علي بن أحمد ابن عبد الله الأنصاري الأندلسي ثمّ المصري، أبو حفص سراج الدين بن الملقن -والملقن زوج أمه، فنسب إليه-، مهر في الفنون، واعتنى بالتصنيف قديمًا، فشرح كثيرًا من الكتب المشهورة؛ كـ "المنهاج"، و"التنبيه"، وخرَّج أحاديث الرافعي، وشرح البخاريّ، واشتهر بكثرة التصانيف، حتّى كان يقول: إنها بلغت ثلاث مئة تصنيف، واشتهر اسمه، وطار صيته، توفي سنة (٨٠٤ هـ) (٢).
٦ - المؤرخ، ابن خلدون: عبد الرّحمن بن محمّد بن محمّد الحضرمي المغربي، المالكي، أبو زيد، المعروف بابن خلدون، نزيل القاهرة، وقاضي المالكية فيها. برع في العلوم، وتقدم في الفنون، ومهر في الأدب والكتابة، صنف: "التاريخ الكبير" في سبع مجلدات ضخمة، ظهرت فيه فضائله، وأبان فيه عن براعته. وقد لازمه الإمام الدماميني، وكان يقول: إنّه ابن خالته. توفي سنة (٨٠٨ هـ) (٣).
_________
(١) انظر: "إنباء الغمر" لابن حجر (٤/ ٣٣٦)، و"الديباج المذهب" لابن فرحون (ص: ٣٣٧)، و"بغية الوعاة" للسيوطي (١/ ٢٢٩)، و"شذرات الذهب" لابن العماد (٧/ ٣٨).
(٢) انظر: "إنباء الغمر" لابن حجر (٥/ ٤١)، و"الضوء اللامع" للسخاوي (٦/ ١٠٠)، و"طبقات الشّافعيّة" لابن قاضي شهبة (٤/ ٤٣).
(٣) انظر: "إنباء الغمر" لابن حجر (٥/ ٣٢٧)، و"الضوء اللامع" للسخاوي (٤/ ١٤٥، ٧/ ١٨٤)، و"شذرات الذهب" (٧/ ٧٦)، و"البدر الطالع" للشوكاني (١/ ٣٣٧).
مقدمة / 17
٧ - شيخ الإسلام، جلال الدين البُلقيني: عبد الرّحمن بن عمر بن رسلان بن نصير، أبو الفضل، جلال الدين بن سراج الدين أبي حفص البلقيني، القاهري، الشّافعيّ، كان من عجائب الدنيا في سرعة الفهم، وجودة الحافظة، فمهر في مدة يسيرة، وقد اشتهر اسمه، وطار ذكره، خصوصًا بعد وفاة والده، وانتهت إليه رياسة الفتوى، توفي سنة (٨٢٤ هـ) (١).
وللإمام الدماميني غيرُ هؤلاء الجلَّة من العلماء والشيوخ الذين تلقى عنهم وأخذ. وأجازوه فيما لهم ولغيرهم، وقدموه.
* * *
_________
(١) ولما صار الإمام البلقيني يحضر لسماع البخاريّ في القلعة، كان يدمن مطالعة شرحه للسراج بن الملقن، ويحب الاطلاع على معرفة أسماء من أبهم في "الجامع الصّحيح" من الرواة، وما جرى ذكره في الصّحيح، فحصَّل من ذلك شيئًا كثيرًا بإدمان المطالعة والمراجعة، فجمع كتاب "الإفهام لما في البخاريّ من الإبهام"، وذكر فيه فصلًا يختص بما استفاده من مطالعته، زائدًا على ما حصله من الكتب المصنفة في المبهمات والشروح، فكان شيئًا كثيرًا، انتهى.
قلت: وقد أكثر الإمام الدماميني في كتابه "المصابيح" من النقل عن كتاب شيخه هذا، وقل أن تجد مبهمًا إلا وهو منقول عن "الإفهام"، وكان ﵀ قد قرأه على مؤلفه، كما ذكر في كتابه هذا (٩/ ٦١). والكتاب جدير بالمطالعة، ونحن بصدد إخراجه قريبًا - إن شاء الله تعالى -.
وانظر في ترجمة الإمام البلقيني: "إنباء الغمر" (٧/ ٤٤٠)، و"الضوء اللامع" للسخاوي (٤/ ١٠٦)، و"طبقات الشّافعيّة" لابن قاضي شهبة (٤/ ٨٧).
مقدمة / 18
المبحث الثَّالث تَلَامِذَتُهُ
١ - الشّيخ الأديب، علي بن عبد الله البهائي الدمشقي الغزولي، كان مملوكًا تركيًّا، فنشأ ذكيًّا، وأحب الأدبيات، قدم القاهرة مرارًا، وكان جيد الذوق، محَبًّا في أصحابه، أخذ عن الدماميني، وابن خطيب داريا، وابن مكانس، وأكثر في كتابه "مطالع البدور في منازل السرور" من إيراد أخبارهم وأشعارهم، وقد تعانى النظم، فلم يزل يقوم ويقعد إلى أن جاد شعره. توفي سنة (٨١٥ هـ) (١).
٢ - محمّد بن عبد الماجد العجمي، سبط العلّامة جمال الدين بن هشام، الشّافعيّ، أخذ عن خالد الشّيخ محب الدين بن هشام، ومهر في الفقه والأصول والعربيّة، ولازم الشّيخ علاء الدين البخاريّ، والشيخ بدر الدين الدماميني، وكان كثير الأدب، فائقًا في معرفة العربيّة، ملازمًا للعبادة، وقورًا، ساكنًا. توفي سنة (٨٢٢ هـ) (٢).
٣ - الشّيخ العالم عبادة بن علي بن صالح بن عبد المنعم، زين الدين
_________
(١) انظر: "الضوء اللامع" للسخاوي (٥/ ٢٥٤).
(٢) انظر: "إنباء الغمر" لابن حجر (٧/ ٣٦٩)، و"بغية الوعاة" للسيوطي (١/ ١٦٢)، و"شذرات الذهب" لابن العماد" (٧/ ١٥٧).
مقدمة / 19
الأنصاري الخزرجي الزرزاري -نسبة إلى "زرزرا" من قرى مصر- القاهري، المالكي، النحوي، شيخ المالكية بالديار المصرية في زمانه، رافق شيخه الدماميني إلى اليمن؛ حيث أخذ عنه "حاشية المغني"، وفارقه لما توجه الدماميني إلى الهند. توفي سنة (٨٤٦ هـ) (١).
٤ - قاضي القضاة، عبد القادر بن أحمد بن محمّد الأنصاري الخزرجي السَّعدي العبادي المكي، المالكي النحوي، كان من نوادر الوقت علمًا، وفصاحة، ووقارًا، وبهاء، وتواضعًا، وحشمة، متين الفوائد، حافظًا لما يحمله من المتون والتاريخ والفضائل، ضابطًا لكثير من النوادر والوقائع، وقد أخذ عن البدر الدماميني إجازة. توفي سنة (٨٧٠ هـ) (٢).
* * *
_________
(١) انظر: "الضوء اللامع" للسخاوي (٧/ ١٨٤)، و"نيل الابتهاج " للتنبكتي (ص: ٤٩٠)، و"شجرة النور الزكية" لابن مخلوف (ص: ٢٤٠).
(٢) انظر: "الضوء اللامع" للسخاوي (٤/ ٢٨٣)، و"شذرات الذهب" لابن العماد (٧/ ٣٢٩).
مقدمة / 20
المبحث الرابع تَصَانِيفهُ
١ - " تحفة الغريب": في النحو، وهو حاشية على "مغني اللبيب" لابن هشام الأنصاري (١).
وقد صنَّفه بأرض الهند (٢)؛ حيث إنّه كان قد عمل حاشية على "المغني" في اليمن، ولما دخل الهند، أشهد على نفسه بالرجوع عنها، وألَّف هناك حاشية جديدة سمَّاها: "تحفة الغريب" (٣).
_________
(١) ذكره السخاوي في "الضوء اللامع" (٧/ ١٨٤)، والبريهي في "تاريخه" (ص: ٣٤٣)، والسيوطي في "حسن المحاضرة" (١/ ٥٣٨)، وفي "بغية الوعاة" (١/ ٦٦)، والتنبكتي في "نيل الابتهاج" (ص: ٤٨٩)، وحاجي خليفة في "كشف الظنون" (١/ ٤٠٦)، وابن العماد في "شذرات الذهب" (٧/ ١٨١)، والشوكاني في "البدر الطالع" (٢/ ١٥٠)، والحسني في "نزهة الخواطر" (٣/ ٢٦٨)، وابن مخلوف في "شجرة النور الزكية" (ص: ٢٤٠)، والزركلي في "الأعلام" (٦/ ٥٧)، وكحالة في "معجم المؤلفين" (٩/ ١١٥).
وله عدة نسخ خطية في المكتبة الظاهرية بدمشق، وفي المكتبة الأحمدية بحلب.
(٢) انظر: "نزهة الخواطر" للحسني (٣/ ٢٦٨).
(٣) انظر: "نيل الابتهاج" للتنبكتي (ص: ٤٨٩).
مقدمة / 21