وكذلك لا يمكن أن نصدق أن الله تعالى ينزل ويصعد ويهرول ويجلس من غير أن يكون هناك حركة وسكون، وكذلك لا يمكن أن يرى في الآخرة من غير أن يكون متحركا أو ساكنا، ومن غير أن يكون في الأمام أو الفوق أو...إلخ.
{وربك الغني ذو الرحمة}
مما يجب معرفته: التصديق والإيمان بأن الله تعالى غني لا تجوز عليه الحاجة، والذي يدل على ذلك من جهة العقل: أنه قد ثبت بما تقدم أن الله تعالى ليس بجسم، وبناءا على ذلك فيجب نفي صفات الأجسام وخصائصها عنه تعالى، ومن ذلك السرور والفرح، والهم والغم، واللذة والألم، والشهوة والنفرة، والزيادة والنقصان، والخوف والأمن، وهذه الخصائص هي دواعي الحاجة والفقر، فإذا كانت منتفية عن الله تعالى انتفى تبعا لانتفائها عنه تعالى الفقر والحاجة، فإنه تعالى إذا انتفى عنه التلذذ فإنه ينتفي عنه تبعا لذلك الحاجة إلى كل أنواع الملاذ، وكذلك إذا انتفت عنه تعالى الشهوة انتفى عنه الحاجة إلى كل أنواع المشتهيات، وإذا كان سبحانه وتعالى لا يلحقه الهم والغم انتفى عنه تبارك وتعالى الحاجة إلى كل ما يدفع ذلك وهكذا...
وقد قال تعالى: }يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد{ [فاطر/15]، وقال: }ومن كفر فإن الله غني عن العالمين{ [آل عمران97]، وقال: }إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد{ [إبراهيم/8]، وغير ذلك كثير.
صفحة ١٠