النصارى كانوا يجامعونهن ولا يبالون بالحيض. قل يا أشرف الخلق: هو أي الحيض أذى أي قذر الرائحة المنكرة التي فيه واللون الفاسد وللحدة القوية التي فيه كما
قال صلى الله عليه وسلم: «دم الحيض هو الأسود المحتدم»
«1» أي المحترق من شدة حرارته فاعتزلوا النساء في المحيض أي في موضع الحيض ولا تقربوهن أي لا تجامعوهن حتى يطهرن وهذا تأكيد لحكم الاعتزال.
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص، ويعقوب الحضرمي «حتى يطهرن» بسكون الطاء وضم الهاء بمعنى: حتى يزول عنهن الدم. وقرأ شعبة وحمزة والكسائي بتشديد الطاء والهاء بمعنى يغتسلن فإذا تطهرن أي اغتسلن أو تيممن عند تعذر استعمال الماء فأتوهن من حيث أمركم الله أي فجامعوهن في موضع أمركم الله به وهو القبل.
وقال الأصم والزجاج: أي فأتوهن من حيث يحل لكم غشيانهن وذلك بأن لا يكن صائمات ولا معتكفات ولا محرمات بالنسك، وفهم من هذا الشرط أنه يشترط بعد انقطاع الحيض الاغتسال لأنه قد صار المجموع غاية وذلك بمنزلة قولك: لا تكلم فلانا حتى يدخل الدار فإذا طابت نفسه بعد الدخول فكلمه فإنه يجب أن يتعلق إباحة كلامك بالأمرين جميعا، واتفق مالك والأوزاعي والثوري والشافعي: أنه إذا انقطع حيض المرأة لا يحل للزوج مجامعتها إلا بعد أن تغتسل من الحيض، والمشهور عن أبي حنيفة: أنها إن رأت الطهر دون عشرة أيام لم يقربها زوجها، وإن رأته لعشرة أيام جاز أن يقربها قبل الاغتسال. إن الله يحب التوابين بالندم على ما مضى من الذنب والترك في الحاضر والعزم على أن لا يفعل مثله في المستقبل ويحب المتطهرين (222) أي المتنزهين عن المعاصي من إتيان النساء في زمان الحيض والإتيان في الأدبار. وقيل: يحب المستنجين بالماء نساؤكم حرث لكم أي فروج نسائكم مزرعة لأولادكم فأتوا حرثكم أي مزرعتكم أنى شئتم أي من أي جهة شئتم، أي فالمراد من هذه الآية أن الرجل مخير بين أن يأتي زوجته من قبلها في قبلها وبين أن يأتيها من دبرها في قبلها لأن سبب نزول هذه الآية ما
روي أن اليهود قالوا: من جامع امرأته في قبلها من دبرها كان ولدها أحول مخبلا، وزعموا أن ذلك في التوراة فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «كذبت اليهود»
«2» .
وقدموا لأنفسكم من الأعمال الصالحة كالتسمية عند الجماع وطلب الولد.
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قال بسم الله عند الجماع فأتاه ولد فله حسنات بعدد أنفاس ذلك الولد وعدد عقبه إلى
صفحة ٧٧