بالقتال في الشهر الحرام فعيروهم بالكفر وإخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة ومنع المؤمنين عن البيت الحرام ولا يزالون أي أهل مكة الكفرة يقاتلونكم أيها المؤمنون حتى يردوكم عن دينكم أي كي يردوكم عن دينكم الحق إلى دينهم الباطل إن استطاعوا وهذا استبعاد لاستطاعتهم وإشارة إلى ثبات المسلمين في دينهم ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر بأن لم يرجع إلى الإسلام فأولئك المصرون على لارتداد إلى حين الموت حبطت أعمالهم الحسنة التي عملوها في حالة الإسلام في الدنيا والآخرة فحبوط الأعمال في الدنيا هو أنه يقتل عند الظفر به ويقاتل إلى أن يظفر به ولا يستحق من المؤمنين نصرا ولا ثناء حسنا وتبين زوجته منه ولا يستحق الميراث من كل أحد. وحبوط أعمالهم في الآخرة أن الردة تبطل استحقاقهم للثواب الذي استحقوه بأعمالهم السالفة أما لو رجع المرتد إلى الإسلام عادت أعماله الصالحة مجردة عن الثواب فلا يكلف بإعادتها وهذا هو المعتمد في مذهب الشافعي وأولئك أصحاب النار أي ملازموها هم فيها خالدون (217) أي مقيمون لا يخرجون ولا يموتون.
وروي أن عبد الله بن جحش قال: يا رسول الله هب أنه لا عقاب علينا فيما فعلنا فهل نطمع منه أجرا وثوابا؟ فنزلت هذه الآية : إن الذين آمنوا
بالله ورسوله والذين هاجروا أي فارقوا أوطانهم وعشائرهم من مكة إلى المدينة وجاهدوا أي بذلوا جهدهم في قتل العدو كقتل عمرو بن الحضرمي الكافر في سبيل الله أي لإعلاء دين الله أولئك يرجون رحمت الله أي يطمعون في ثواب الله أو ينالون جنة الله والله غفور رحيم (218) فيحقق لهم رجاءهم إذا ماتوا على الإيمان والعمل الصالح. يسئلونك عن الخمر والميسر أي عن تناولهما قل فيهما أي في تعاطيهما إثم كبير أي عظيم بعد التحريم لما يحصل بسببهما من المخاصمة والمشاتمة وقول الفحش وإتلاف للأموال ولأن الخمر مسلبة للعقول التي هي قطب الدين والدنيا. وقرأ حمزة والكسائي كثير بالثاء المثلثة ومنافع للناس قبل التحريم بالتجارة فيها وباللذة والفرح وتصفية اللون وحمل البخيل على الكرم وزوال الهم وهضم الطعام، وتقوية الباءة وتشجيع الجبان في شرب الخمر، وإصابة المال بلا كد في القمار، أي المغالبة بأخذ المال في أنواع اللعب وإثمهما بعد التحريم أكبر من نفعهما قبل التحريم. وقرئ أقرب من نفعهما.
قال المفسرون: نزلت في الخمر أربع آيات نزل بمكة قوله تعالى: ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا [النحل: 67] وكان المسلمون يشربونها وهي حلال لهم ثم إن عمر ومعاذا ونفرا من الصحابة منهم سيدنا حمزة بن عبد المطلب وبعض الأنصار قالوا: يا رسول الله أفتنا في الخمر والميسر فإنهما مذهبة للعقل مسلبة للمال فنزل فيهما قوله تعالى: قل
صفحة ٧٤