الفاعل واللام صلة. قال العلماء: لو أن مسلما ذبح ذبيحة وقصد بذبحها التقرب إلى غير الله صار مرتدا وذبيحته ذبيحة مرتد فمن اضطر أي أحوج إلى أكل ما ذكر بأنه أصابه جوع شديد ولم يجد حلالا يسد به الرمق أو أكره على تناول ذلك غير باغ أي غير طالب للذة ولا عاد أي متجاوز سد الجوعة كما نقل عن الحسن وقتادة والربيع، ومجاهد وابن زيد. وقيل: غير باغ على الوالي ولا عاد على المسلمين بقطع الطريق وعلى هذا لا يباح للعاصي بالسفر وهو ظاهر مذهب الشافعي وقول أحمد رحمهما الله فلا إثم عليه في أكل ما ذكر. إن الله غفور لمن أكل في حال الاضطرار رحيم (173) حيث أباح في تناول قدر الحاجة إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب المشتمل على الأحكام من المحللات والمحرمات وعلى نعت محمد صلى الله عليه وسلم ويشترون به أي بالكتمان ثمنا قليلا أي عوضا حقيرا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار أي إلا الحرام الذي هو سبب النار يوم القيامة ولا يكلمهم الله بكلام طيب يوم القيامة ولا يزكيهم أي لا يطهرهم من دنس الذنوب ولهم عذاب أليم (174) يخلص ألمه إلى قلوبهم أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة أي أولئك الكاتمون اختاروا ما تجب به النار على ما تجب به الجنة فما أصبرهم على النار (175) أي فما أجرأهم على النار ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق أي ذلك الوعيد معلوم لهم بسبب أن الله نزل الكتاب بالصدق أو ذلك العذاب بسبب أن الله نزل الكتاب ببيان الحق وهم قد حرفوا تأويله وإن الذين اختلفوا في الكتاب بأن آمنوا ببعض كتب الله تعالى وكفروا ببعضها لفي شقاق بعيد (176) أي لفي خلاف بعيد عن الهدى ليس البر أن تولوا وجوهكم في الصلاة قبل المشرق أي جهة الكعبة والمغرب أي جهة بيت المقدس.
وقرأ حفص وحمزة بنصب «البر» على أنه خبر مقدم ولكن البر ولكن الشخص البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه أي مع حب المال وهو أن يؤتيه وأنت صحيح شحيح تأمل العيش وتخشى الفقر ذوي القربى أي القرابة واليتامى أي المحاويج منهم والمساكين وابن السبيل أي مار الطريق والسائلين أي الذين ألجأتهم الحاجة إلى السؤال وفي الرقاب أي في المكاتبين. وقيل: في اشتراء الرقاب لإعتاقها وأقام الصلاة المفروضة منها وآتى الزكاة أي المفروضة والموفون بعهدهم عطف على من آمن إذا عاهدوا فيما بينهم وبين الله وفيما بينهم وبين الناس والصابرين مفعول لفعل محذوف كاذكر في البأساء أي الخوف والبلايا والشدائد والضراء أي الأمراض والأوجاع والجوع وحين البأس أي وقت شدة القتال في سبيل الله أولئك الذين صدقوا في الدين وطلب البر وأولئك هم المتقون (177) عن الكفر.
صفحة ٥٧