كفار
بالله ورسوله أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (161) حتى أهل دينهم فإنهم يوم القيامة يلعن بعضهم بعضا خالدين فيها أي اللعنة لا يخفف عنهم العذاب طرفة عين ولا هم ينظرون (162) أي يؤجلون من العذاب فإذا استمهلوا لا يمهلون، وإذا استغاثوا لا يغاثون وإلهكم أي المستحق منكم العبادة إله واحد أي فرد في الإلهية لا إله إلا هو أي لا معبود لنا موجود إلا الإله الواحد الرحمن الرحيم (163) خبران آخران للمبتدأ، فالرحمن المبالغ في النعمة والرحيم كثير النعمة إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون (164) اعلم أنه تعالى لما حكم بالوحدانية ذكر ثمانية أنواع من الدلائل التي يمكن أن يستدل بها على وجوده تعالى وعلى براءته من الأنداد.
النوع الأول: السموات والأرض والآيات في السماء هي: سمكها وارتفاعها بغير عمد ولا علاقة وما يرى فيها من الشمس والقمر والنجوم، والآيات في الأرض مدها وبسطها على الماء، وما يرى فيها من الجبال والبحار والمعادن والجواهر والأنهار والأشجار، والثمار.
النوع الثاني: الليل والنهار والآيات فيهما تعاقبهما بالمجيء والذهاب، واختلافهما في الطول والقصر، والزيادة والنقصان. والنور والظلمة وانتظام أحوال العباد في معاشهم بالراحة في الليل والسعي في الكسب في النهار.
النوع الثالث: السفن والآيات فيها جريانها على وجه الماء وهي موقرة بالأثقال والرحال فلا ترسب، وجريانها بالريح مقبلة ومدبرة وتسخير البحر لحمل السفن مع قوة سلطان الماء، وهيجان البحر فلا ينجي منه إلا الله تعالى.
النوع الرابع: ركوب السفن والحمل عليها في التجارة والآيات في ذلك أن الله تعالى لو لم يقو قلوب من يركب هذه السفن لما تم الغرض في تجاراتهم ومنافعهم، وأيضا فإن الله تعالى خص كل قطر من أقطار العالم بشيء معين فصار ذلك سببا يدعوهم إلى اقتحام الأخطار في الأسفار من ركوب السفن وجوف البحر وغير ذلك فالحامل ينتفع لأنه يربح والمحمول إليه ينتفع بما حمل إليه.
النوع الخامس: نزول المطر من السماء والآيات في ذلك أن الله جعل الماء سببا لحياة جميع الموجودات من حيوان ونبات، وأنه ينزله عند الحاجة إليه بمقدار المنفعة
وعند الاستسقاء وينزله بمكان دون مكان.
صفحة ٥٤