دين الإسلام الذي هو صفوة الأديان فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون (132) أي فاثبتوا على الإسلام حتى تموتوا مسلمين مخلصين له تعالى بالتوحيد والعبادة.
روي أن اليهود قالوا لرسول صلى الله عليه وسلم: ألست تعلم أن يعقوب أوصى بنيه باليهودية يوم مات فنزلت هذه الآية: أم كنتم شهداء أي أكنتم يا معشر اليهود حضراء إذ حضر يعقوب الموت بماذا أوصى بنيه باليهودية أو الإسلام أي حضره أسباب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي أي أي شيء تعبدونه بعد موتي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون (133) أي مقرون بالعبادة والتوحيد تلك أي إبراهيم ويعقوب وبنوهما أمة أي جماعة قد خلت أي مضت بالموت لها أي لتلك الأمة ما كسبت من الخير أي جزاؤه ولكم أي يا معشر اليهود ما كسبتم أي جزاء ما كسبتموه من العمل ولا تسئلون يوم القيامة عما كانوا يعملون (134) كما لا يسألون عن عملكم.
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يا صفية عمة محمد، يا فاطمة بنت محمد ائتوني يوم القيامة بأعمالكم لا بأنسابكم فإني لا أغني عنكم من الله شيئا»
«1» .
وقال: «ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه»
«2» .
وقالوا كونوا هودا أو نصارى أي قالت يهود المدينة للمؤمنين: كونوا هودا أي اتبعوا اليهودية، وقالت: نصارى نجران للمؤمنين: كونوا نصارى أي اتبعوا النصرانية تهتدوا من الضلالة قل بل ملة إبراهيم أي قل يا أشرف الخلق بل اتبعوا ملة إبراهيم أي بل نكون أهل ملة إبراهيم حنيفا أي مستقيما مخالفا لليهود والنصارى منحرفا عنهما وما كان من المشركين (135) أي ما كان إبراهيم على دينهم وهذا أعلاه ببطلان دعواهم اتباعه عليه السلام مع إشراكهم بقولهم:
عزير بن الله والمسيح بن الله قولوا أيها المؤمنون لهؤلاء اليهود والنصارى الذين قالوا لكم ذلك آمنا بالله وما أنزل إلينا وهو القرآن وما أنزل إلى إبراهيم من الصحف العشرة وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وهم بنو يعقوب وكانوا اثني عشر رجلا، وهم يوسف وبنيامين، وروبيل ويهوذا، وشمعون ولاوى ودان، ونفتالى وجادور بالون، ويشجر. ودان والصحف إنما أنزلت على إبراهيم لكن لما كانوا متعبدين بتلك الصحف كانوا داخلين تحت أحكامها فكانت منزلة إليهم أيضا كما أن القرآن منزل إلينا وما أوتي موسى من التوراة
صفحة ٤٧