ولكنه يمكنك أن تتوصل به إلى المفاسد والمعاصي فإياك بعد وقوفك عليه أن تستعمله فيما نهيت عنه أو تتوصل به إلى شيء من الأغراض العاجلة فيتعلمون أي الأحد. والمراد به السحرة منهما أي الملكين أو السحر والمنزل على الملكين أو الفتنة والكفر ما يفرقون به بين المرء وزوجه إما بأن يعتقد أن ذلك السحر مؤثر في هذا التفريق فيصير كافرا وإذا صار كافرا بانت منه امرأته فيحصل تفرق بينهما ، وإما بالتمويه والحيل فيبغض كل منهما في الآخر. وما هم أي السحرة أو اليهود أو الشياطين بضارين به أي باستعمال السحر من أحد إلا بإذن الله أي بإيجاد الله وإرادته وعلمه ويتعلمون أي الشياطين واليهود والسحرة بعضهم من بعض ما يضرهم في الآخرة ولا ينفعهم في الدنيا ولا في الآخرة وهو السحر ولقد علموا أي اليهود لمن اشتراه أي استبدل ما تتلوا الشياطين ما له في الآخرة أي في الجنة من خلاق أي نصيب أو ما له في النار من خلاص أي أن اليهود لما نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم وأقبلوا على التمسك بما تتلوا الشياطين فكأنهم قد اشتروا ذلك السحر بكتاب الله ولبئس ما شروا به أنفسهم أي وبالله لبئس شيئا باعوا به حظ أنفسهم في الآخرة الكفر أو تعلم السحر لو كانوا يعلمون (102) قبحه على اليقين ولو أنهم أي اليهود آمنوا بمحمد المشار إليه في قوله تعالى: ولما جاءهم رسول من عند الله [البقرة: 89] إلخ. وبما أنزل إليه من الآيات المذكورة بقوله تعالى: ولقد أنزلنا إليك آيات بينات [البقرة: 99] أو بالتوراة التي أريدت بقوله تعالى: نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم [البقرة: 101] واتقوا بأن تابوا من اليهودية واستعمال السحر لمثوبة من
عند الله خير
أي لشيء من ثواب الله خير لهم لو كانوا يعلمون (103) ذلك يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا للنبي صلى الله عليه وسلم راعنا وكان المسلمون يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا تلا عليهم شيئا من العلم: راعنا يا رسول الله أي تأن بنا حتى نفهم كلامك واليهود كانت لهم كلمة عبرانية يتسابون بها فيما بينهم فلما سمعوا المؤمنين يقولون: راعنا، خاطبوا به النبي صلى الله عليه وسلم وهم يعنون بها تلك المسبة ويضحكون فيما بينهم، فسمعها سعد بن معاذ منهم وكان يعرف لغتهم. فقال لليهود: يا أعداء الله عليكم لعنة الله، والذي نفسي بيده لئن سمعتها من أحد منكم يقولها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأضربن عنقه ، قالوا: أولستم تقولونها؟
فنهي المؤمنون عنها وأمروا بلفظة أخرى لئلا يجد اليهود بذلك سبيلا إلى شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذلك قوله تعالى: وقولوا انظرنا أي انظر إلينا والمقصود منه أن المعلم إذا نظر إلى المتعلم كان إتيانه للكلام على نعت الأفهام أقوى، وقيل: لا تعجل علينا قاله ابن زيد واسمعوا أي أحسنوا سماع ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم بآذان واعية وأذهان حاضرة حتى لا تحتاجون إلى الاستعادة وللكافرين أي اليهود الذين سبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عذاب أليم (104) هو النار ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب وهم اليهود ولا المشركين من العرب أن ينزل عليكم
صفحة ٣٧