المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى

أبو حامد الغزالي ت. 505 هجري
84

المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى

محقق

بسام عبد الوهاب الجابي

الناشر

الجفان والجابي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٧ - ١٩٨٧

مكان النشر

قبرص

دَرَجَات محسوسة كالدرج والمراقي وَجَمِيع الْأَجْسَام الْمَوْضُوعَة بَعْضهَا فَوق بعض وَإِمَّا فِي الرتب المعقولة للموجودات الْمرتبَة نوعا من التَّرْتِيب الْعقلِيّ فَكل مَا لَهُ الْفَوْقِيَّة فِي الْمَكَان فَلهُ الْعُلُوّ المكاني وكل مَا لَهُ الْفَوْقِيَّة فِي الرُّتْبَة فَلهُ الْعُلُوّ فِي الرُّتْبَة والتدريجات الْعَقْلِيَّة مفهومة كالتدريجات الحسية وَمِثَال الدَّرَجَات الْعَقْلِيَّة هُوَ التَّفَاوُت الَّذِي بَين السَّبَب والمسبب وَالْعلَّة والمعلول وَالْفَاعِل والقابل والكامل والناقص فَإِذا قدرت شَيْئا فَهُوَ سَبَب لشَيْء ثَان وَذَلِكَ الثَّانِي سَبَب لثالث وَالثَّالِث لرابع إِلَى عشر دَرَجَات مثلا فالعاشر وَاقع فِي الرُّتْبَة الْأَخِيرَة فَهُوَ الْأَسْفَل الْأَدْنَى وَالْأول وَاقع فِي الدرجَة الأولى من السَّبَبِيَّة فَهُوَ الْأَعْلَى وَيكون الأول فَوق الثَّانِي فوقية بِالْمَعْنَى لَا بِالْمَكَانِ والعلو عبارَة عَن الْفَوْقِيَّة فَإِذا فهمت معنى التدريج الْعقلِيّ فَاعْلَم أَن الموجودات لَا يُمكن قسمتهَا إِلَى دَرَجَات مُتَفَاوِتَة فِي الْعقل إِلَّا وَيكون الْحق ﷾ فِي الدرجَة الْعليا من دَرَجَات أقسامها حَتَّى لَا يتَصَوَّر أَن يكون فَوْقه دَرَجَة وَذَلِكَ هُوَ الْعلي الْمُطلق وكل مَا سواهُ فَيكون عليا بِالْإِضَافَة إِلَى مَا دونه وَيكون دنيا أَو سافلا بِالْإِضَافَة إِلَى مَا فَوْقه وَمِثَال قسْمَة الْعقل أَن الموجودات تَنْقَسِم إِلَى مَا هُوَ سَبَب وَإِلَى مَا هُوَ مسبب وَالسَّبَب فَوق الْمُسَبّب فوقية بالرتبة فالفوقية الْمُطلقَة لَيست إِلَّا لمسبب الْأَسْبَاب وَكَذَلِكَ يَنْقَسِم الْمَوْجُود إِلَى ميت وَحي والحي يَنْقَسِم إِلَى مَا لَيْسَ لَهُ إِلَّا الْإِدْرَاك الْحسي وَهُوَ الْبَهِيمَة وَإِلَى مَا لَهُ مَعَ الْإِدْرَاك الْحسي الْإِدْرَاك الْعقلِيّ وَالَّذِي لَهُ الْإِدْرَاك الْعقلِيّ يَنْقَسِم إِلَى مَا يُعَارضهُ فِي معلوماته الشَّهْوَة وَالْغَضَب وَهُوَ الْإِنْسَان وَإِلَى مَا يسلم إِدْرَاكه عَن مُعَارضَة المكدرات وَالَّذِي يسلم يَنْقَسِم إِلَى مَا يُمكن أَن يبتلى بِهِ وَلَكِن رزق السَّلامَة كالملائكة وَإِلَى مَا يَسْتَحِيل ذَلِك فِي حَقه وَهُوَ الله ﷾ وَلَيْسَ يخفى عَلَيْك فِي هَذَا

1 / 107