المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى

أبو حامد الغزالي ت. 505 هجري
81

المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى

محقق

بسام عبد الوهاب الجابي

الناشر

الجفان والجابي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٧ - ١٩٨٧

مكان النشر

قبرص

تَنْبِيه حَظّ العَبْد من وصف الْحَلِيم ظَاهر فالحلم من محَاسِن خِصَال الْعباد وَذَلِكَ مستغن عَن الشَّرْح والإطناب الْعَظِيم اعْلَم أَن اسْم الْعَظِيم فِي أول الْوَضع إِنَّمَا أطلق على الْأَجْسَام يُقَال هَذَا جسم عَظِيم وَهَذَا الْجِسْم أعظم من ذَلِك الْجِسْم إِذا كَانَ امتداد مساحته فِي الطول وَالْعرض والعمق أَكثر مِنْهُ ثمَّ هُوَ يَنْقَسِم إِلَى عَظِيم يمْلَأ الْعين وَيَأْخُذ مِنْهَا مأخذا وَإِلَى مَا لَا يتَصَوَّر أَن يُحِيط الْبَصَر بِجَمِيعِ أَطْرَافه كالأرض وَالسَّمَاء فَإِن الْفِيل عَظِيم وَلَكِن الْبَصَر قد يُحِيط بأطرافه فَهُوَ عَظِيم بِالْإِضَافَة إِلَى مَا دونه وَأما الأَرْض فَلَا يتَصَوَّر أَن يُحِيط الْبَصَر بأطرافها وَكَذَا السَّمَاء فَذَلِك هُوَ الْعَظِيم الْمُطلق فِي مدركات الْبَصَر فَافْهَم أَن فِي مدركات البصائر أَيْضا تَفَاوتا فَمِنْهَا مَا تحيط الْعُقُول بكنه حَقِيقَته وَمِنْهَا مَا تقصر الْعُقُول عَنهُ وَمَا تقصر الْعُقُول عَنهُ يَنْقَسِم إِلَى مَا يتَصَوَّر أَن يُحِيط بِهِ بعض الْعُقُول وَإِن قصر عَنهُ أَكْثَرهَا وَإِلَى مَا لَا يتَصَوَّر أَن يُحِيط الْعقل أصلا بكنه حَقِيقَته وَذَلِكَ هُوَ الْعَظِيم الْمُطلق الَّذِي جَاوز جَمِيع حُدُود الْعُقُول حَتَّى لَا تتَصَوَّر الْإِحَاطَة بكنهه وَذَلِكَ هُوَ الله تَعَالَى وَقد سبق بَيَان ذَلِك فِي الْفَنّ الأول تَنْبِيه الْعَظِيم من الْعباد الْأَنْبِيَاء وَالْعُلَمَاء الَّذين إِذا عرف الْعَاقِل شَيْئا من صفاتهم امْتَلَأَ بالهيبة صَدره وَصَارَ مُسْتَوفى بالهيبة قلبه حَتَّى لَا يبْقى فِيهِ متسع

1 / 104