المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى

أبو حامد الغزالي ت. 505 هجري
52

المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى

محقق

بسام عبد الوهاب الجابي

الناشر

الجفان والجابي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٧ - ١٩٨٧

مكان النشر

قبرص

المتكبر هُوَ الَّذِي يرى الْكل حَقِيرًا بِالْإِضَافَة إِلَى ذَاته وَلَا يرى العظمة والكبرياء إِلَّا لنَفسِهِ فَينْظر إِلَى غَيره نظر الْمُلُوك إِلَى العبيد فَإِن كَانَت هَذِه الرُّؤْيَة صَادِقَة كَانَ التكبر حَقًا وَكَانَ صَاحبهَا متكبرا حَقًا وَلَا يتَصَوَّر ذَلِك على الْإِطْلَاق إِلَّا لله ﷿ وَإِن كَانَ ذَلِك التكبر والاستعظام بَاطِلا وَلم يكن مَا يرَاهُ من التفرد بالعظمة كَمَا يرَاهُ كَانَ التكبر بَاطِلا ومذموما وكل من رأى العظمة والكبرياء لنَفسِهِ على الْخُصُوص دون غَيره كَانَت رُؤْيَته كَاذِبَة وَنَظره بَاطِلا إِلَّا الله ﷾ تَنْبِيه المتكبر من الْعباد هُوَ الزَّاهِد الْعَارِف وَمعنى زهد الْعَارِف أَن يتنزه عَمَّا شغل سره عَن الْحق ويتكبر على كل شَيْء سوى الْحق ﷾ فَيكون مستحقرا للدنيا وَالْآخِرَة جَمِيعًا مترفعا عَن أَن يشْغلهُ كِلَاهُمَا عَن الْحق تَعَالَى وزهد غير الْعَارِف مُعَاملَة ومعاوضة فَإِنَّهُ يَشْتَرِي بمتاع الدُّنْيَا مَتَاع الْآخِرَة فَيتْرك الشَّيْء عَاجلا طَمَعا فِي أضعافه آجلا وَإِنَّمَا هُوَ سلم ومبايعة وَمن استعبدته شَهْوَة الْمطعم والمنكح فَهُوَ حقير وَإِن كَانَ ذَلِك دَائِما وَإِنَّمَا المتكبر من يستحقر كل شَهْوَة وحظ يتَصَوَّر أَن يساهمه الْبَهَائِم فِيهَا وَالله أعلم الْخَالِق البارئ المصور قد يظنّ أَن هَذِه الْأَسْمَاء مترادفة وَأَن الْكل يرجع إِلَى الْخلق والاختراع وَلَا يَنْبَغِي أَن يكون كَذَلِك بل كل مَا يخرج من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود فيفتقر إِلَى تَقْدِير أَولا وَإِلَى الإيجاد على وفْق التَّقْدِير ثَانِيًا وَإِلَى التَّصْوِير بعد الإيجاد ثَالِثا وَالله ﷾ خَالق من حَيْثُ أَنه مُقَدّر وبارئ من حَيْثُ أَنه مخترع موجد ومصور من حَيْثُ أَنه مُرَتّب صور المخترعات أحسن تَرْتِيب

1 / 75