المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى

أبو حامد الغزالي ت. 505 هجري
138

المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى

محقق

بسام عبد الوهاب الجابي

الناشر

الجفان والجابي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٧ - ١٩٨٧

مكان النشر

قبرص

وَلم يبْق إِلَّا الْإِرَادَة وَالْقُدْرَة وَمعنى إِرَادَته عِنْدهم أَنه تَعَالَى وتقدس يعلم وَجه الْخَيْر ونظامه فيوجده كَمَا يُعلمهُ وَيكون علمه بالشَّيْء سَببا لوُجُود ذَلِك الشَّيْء وَإِذا علم وَجه الْخَيْر فِي شَيْء فَيحصل وَلم يكن فِيهِ كَرَاهَة كَانَ رَاضِيا والراضي قد يُسمى مرِيدا فَكَانَت الْإِرَادَة ترجع إِلَى الْعلم مَعَ عدم الْكَرَاهَة وَأما الْقُدْرَة فمعناها أَنه يفعل إِذا شَاءَ وَلَا يفعل إِذا شَاءَ وَفعله مَعْلُوم ومشيئته ترجع إِلَى علمه بِوَجْه الْخَيْر وَمَعْنَاهُ أَن مَا علم أَن الْخَيْر فِي وجوده فيوجد مِنْهُ وَمَا علم أَن الْخَيْر فِي أَن لَا يُوجد فَلَا يُوجد مِنْهُ وَلَا يحْتَاج وجود نظام الْخَيْر إِلَّا إِلَى علمه بِوَجْه الْخَيْر وَلَا يحْتَاج مَا لَا يُوجد فِي أَن لَا يُوجد إِلَّا عدم الْعلم بِكَوْن الْخَيْر فِيهِ فالنظام الْمَعْقُول هُوَ سَبَب النظام الْمَوْجُود والنظام الْمَوْجُود تبع النظام الْمَعْقُول وَزَعَمُوا أَن علمنَا إِنَّمَا يحْتَاج فِي تَحْقِيق الْمَعْلُوم إِلَى الْقُدْرَة لِأَن فعلنَا إِنَّمَا يكون بجارحة فَلَا بُد أَن تكون الْجَارِحَة سليمَة وموصوفة بِالْقُوَّةِ وَأما هُوَ فَلَا يفعل بجارحة فَيَكْفِي علمه بِوُجُود الْمَعْلُوم فترجع الْقُدْرَة أَيْضا إِلَى الْعلم ثمَّ زَعَمُوا أَن الْعلم أَيْضا يرجع إِلَى ذَاته لِأَنَّهُ يعلم ذَاته بِذَاتِهِ فَيكون الْعلم والعالم والمعلوم وَاحِدًا وَإِنَّمَا يعلم غَيره من ذَاته لِأَنَّهُ يعلم ذَاته مبدأ كل مَوْجُود فَيعلم سَائِر الموجودات من ذَاته على سَبِيل التّبعِيَّة فَلَا يُوجب ذَلِك كَثْرَة فِي ذَاته وَزَعَمُوا أَن نِسْبَة علم الْوَاحِد وَهُوَ ذَاته إِلَى كَثْرَة المعلومات كنسبة علم الحاسب مثلا حَيْثُ يُقَال لَهُ مَا ضعف الِاثْنَيْنِ وَضعف ضعفه وَضعف ضعف ضعفه وَهَكَذَا مثلا عشر مَرَّات فَإِنَّهُ قبل أَن يفصل تِلْكَ الْأَضْعَاف فِي ذَاته فَلهُ يَقِين حَاصِل بِأَنَّهُ عَالم بِهِ وَذَلِكَ الْيَقِين هُوَ مبدأ التَّفْصِيل إِذا اشْتغل بتفصيله وَذَلِكَ الْيَقِين خطة وَاحِدَة لَهَا نِسْبَة إِلَى سَائِر أَضْعَاف الِاثْنَيْنِ بل إِلَى

1 / 161