المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى

أبو حامد الغزالي ت. 505 هجري
115

المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى

محقق

بسام عبد الوهاب الجابي

الناشر

الجفان والجابي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٧ - ١٩٨٧

مكان النشر

قبرص

شَيْئا مَوْجُودا زَائِدا على الألوان مَعَ أَنه أظهر الْأَشْيَاء بل هُوَ الَّذِي بِهِ يظْهر جَمِيع الْأَشْيَاء وَلَو تصور لله تَعَالَى وتقدس عدم أَو غيبَة عَن بعض الْأُمُور لانهدت السَّمَوَات وَالْأَرْض وكل مَا انْقَطع نوره عَنهُ ولأدركت التَّفْرِقَة بَين الْحَالَتَيْنِ وَعلم وجوده قطعا وَلَكِن لما كَانَت الْأَشْيَاء كلهَا متفقة فِي الشَّهَادَة وَالْأَحْوَال كلهَا مطردَة على نسق وَاحِد كَانَ ذَلِك سَببا لخفائه فسبحان من احتجب عَن الْخلق بنوره وخفي عَلَيْهِم بِشدَّة ظُهُوره فَهُوَ الظَّاهِر الَّذِي لَا أظهر مِنْهُ وَهُوَ الْبَاطِن الَّذِي لَا أبطن مِنْهُ تَنْبِيه لَا تتعجبن من هَذَا فِي صِفَات الله تَعَالَى وتقدس فَإِن الْمَعْنى الَّذِي بِهِ الْإِنْسَان إِنْسَان ظَاهر بَاطِن فَإِنَّهُ ظَاهر إِن اسْتدلَّ عَلَيْهِ بأفعاله الْمرتبَة المحكمة بَاطِن إِن طلب من إِدْرَاك الْحس فَإِن الْحس إِنَّمَا يتَعَلَّق بِظَاهِر بَشرته وَلَيْسَ الْإِنْسَان إنْسَانا بالبشرة المرئية مِنْهُ بل لَو تبدلت تِلْكَ الْبشرَة بل سَائِر أَجْزَائِهِ فَهُوَ هُوَ والأجزاء متبدلة وَلَعَلَّ أَجزَاء كل إِنْسَان بعد كبره غير الْأَجْزَاء الَّتِي كَانَت فِيهِ عِنْد صغره فَإِنَّهَا تحللت بطول الزَّمَان وتبدلت بأمثالها بطرِيق الاغتذاء وهويته لم تتبدل فَتلك الهوية باطنة عَن الْحَواس ظَاهِرَة لِلْعَقْلِ بطرِيق الِاسْتِدْلَال عَلَيْهَا بآثارها وأفعالها الْبر هُوَ المحسن وَالْبر الْمُطلق هُوَ الَّذِي مِنْهُ كل مبرة وإحسان وَالْعَبْد إِنَّمَا يكون برا بِقدر مَا يتعاطاه من الْبر وَلَا سِيمَا بِوَالِديهِ وأستاذه وشيوخه رُوِيَ أَن مُوسَى ﵇ لما كَلمه ربه رأى رجلا قَائِما عِنْد سَاق

1 / 138